أعلنت هيئة الطيران الباكستانية تمديد حظر دخول الطائرات الهندية إلى مجالها الجوي حتى الرابع والعشرين من أكتوبر المقبل، في خطوة وصفها مراقبون بأنها جزء من معركة شد الحبال المستمرة بين إسلام آباد ونيودلهي.
القرار يشمل جميع الطائرات المملوكة أو المشغلة من قبل شركات الطيران الهندية، إضافة إلى الرحلات العسكرية، ما يعكس الطابع السياسي والأمني لهذه الخطوة.
جذور التوتر الأخير
بدأت الأزمة في أبريل الماضي، عندما فرضت باكستان سلسلة من الإجراءات العقابية ضد الهند، أبرزها إغلاق المجال الجوي أمام طائراتها، وذلك بعد اتهامات هندية لإسلام آباد بالضلوع في هجوم دموي استهدف منطقة باهالجام في كشمير المحتلة.
ورغم غياب الأدلة، أصرت نيودلهي على تحميل باكستان المسؤولية، بينما نفت الأخيرة بشكل قاطع ودعت إلى فتح تحقيق دولي محايد.
تلك الاتهامات فجّرت موجة جديدة من التوتر بين البلدين، كادت أن تتحول إلى مواجهة عسكرية شاملة لولا تدخل الولايات المتحدة ودعواتها المتكررة إلى وقف التصعيد.
مناورات عسكرية وردع متبادل
في خضم هذه الأزمة، سعت باكستان إلى إرسال رسائل واضحة حول جاهزيتها العسكرية، فقد أعلن رئيس الوزراء شهباز شريف مؤخرًا عن إنشاء “وحدة صاروخية” جديدة قادرة على استهداف الخصوم في جميع الاتجاهات.
كما استعرض الجيش الباكستاني قدراته الجوية من خلال طائرات J-10C الصينية الحديثة ومقاتلات JF-Thunder المطورة محلياً بالشراكة مع بكين.
في المقابل، واصلت الهند تعزيز وجودها العسكري في كشمير وعلى الحدود المشتركة، ما زاد المخاوف من عودة الاشتباكات المسلحة التي اندلعت بين السادس والعاشر من مايو وأسفرت عن أكثر من 70 قتيلاً، معظمهم من المدنيين.
حسابات داخلية وضغوط إقليمية
يرى محللون، أن قرار تمديد الحظر لا ينفصل عن الحسابات الداخلية في باكستان، حيث تسعى الحكومة لإظهار موقف حازم تجاه ما تعتبره “استفزازات هندية”.
كذلك الخطوة تعكس رغبة إسلام آباد في الضغط على نيودلهي اقتصاديًا ولوجستيًا عبر تعطيل حركة الطيران التي تربط الهند بوجهات دولية غربية وآسيوية تمر عادة عبر الأجواء الباكستانية.
في الوقت نفسه، لا يمكن فصل هذا القرار عن السياق الإقليمي الأوسع، إذ تتصاعد التوترات بين الهند وباكستان في ظل تقارب إسلام آباد مع الصين، وتعزيز الأخيرة لشراكاتها العسكرية مع الجيش الباكستاني.
المخاوف الدولية
المجتمع الدولي ينظر بقلق إلى هذه التطورات، خاصة وأن أي خطأ في الحسابات قد يدفع البلدين، وكلاهما يمتلك السلاح النووي، نحو مواجهة يصعب السيطرة عليها.
وتدرك واشنطن والعواصم الأوروبية أن استمرار حالة التوتر، مقترنة بتبادل الحظر والإجراءات العسكرية، يهدد الاستقرار في جنوب آسيا ويعرض خطوط التجارة والطيران الدولية لمخاطر جدية.
بينما يبقى المجال الجوي الباكستاني مغلقًا أمام الطائرات الهندية، تتواصل التساؤلات حول ما إذا كان هذا التصعيد سيبقى في حدوده الحالية أم يتطور إلى مواجهة جديدة.
التاريخ الطويل للنزاع بين الجارتين النوويتين يؤكد أن أي أزمة في كشمير قادرة على إشعال المنطقة بأكملها.