في قلب المأساة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة، تقف قصة الطفلة مريم إبراهيم، البالغة من العمر 12 عامًا، شاهدًا مؤلمًا على معاناة أطفال أبرياء حرمهم العدوان الإسرائيلي من أبسط حقوقهم، وهو الحق في الحياة والطفولة.
إصابة مروعة بشظية حربية استقرت في رأسها حوّلت أيامها إلى صراع مع الألم والتشوه، وجعلتها في سباق مع الزمن لإنقاذ حياتها.
إصابة غيرت الملامح
قبل نحو ثلاثة أشهر، أصيبت مريم بشظية اخترقت جمجمتها وتسببت بكسور بالغة في الرأس، واضطر الأطباء في مستشفى ناصر الطبي إلى إزالة العظمة الأمامية من جمجمتها لإنقاذها، لكن النتيجة كانت تشوهًا واضحًا في شكلها جعلها عرضة للتنمر والسخرية.
الأطباء أكدوا أن حياتها لن تستقر إلا بإجراء عملية عاجلة لإعادة العظمة، لكن غياب الإمكانيات الطبية واستمرار الحصار جعل من إنقاذها مهمة شبه مستحيلة.
سباق مع الخطر
حالة مريم الصحية تزداد سوءًا مع مرور الوقت، فهي تعاني من سوء التغذية، ونوبات تشنج متكررة، وارتفاع مستمر في درجات الحرارة، إضافة إلى آلام حادة في الرأس.
الأطباء حذروا من أن أي تأخير إضافي قد يهدد حياتها بشكل مباشر، خصوصًا مع غياب التجهيزات الطبية اللازمة في مستشفيات غزة التي تعاني من انهيار شبه كامل تحت وطأة الحرب.
غزة.. مخيم بحجم وطن
بحسب وزارة الصحة في غزة، فإن القطاع تحول بفعل العدوان والحصار إلى أكبر مخيم للاجئين في العالم.
والتقارير الأخيرة تشير إلى وفاة أطفال بسبب المجاعة وسوء التغذية، وحرمان آلاف المرضى من العلاج نتيجة نقص الأدوية والمحاليل الطبية، كما أن استهداف الكوادر الصحية والمستشفيات جعل من العلاج تحديًا قاسيًا يفاقم معاناة المرضى، ومن بينهم مريم التي باتت بحاجة ماسة إلى السفر للعلاج خارج غزة.
شهادة من قلب الألم
والدة مريم روت معاناتها قائلة: إن ابنتها أصيبت إصابة بالغة أدت إلى فقدان جزء من جمجمتها، وهو ما يتطلب تدخلًا جراحيًا عاجلًا في الخارج، وأضافت أن حياتهم في المخيمات القاسية جعلت وضعها الصحي أكثر تدهورًا بسبب المياه الملوثة وسوء التغذية.
وأشارت بحزن إلى أن ابنتها تتعرض للتنمر من الأطفال في الشوارع، إذ يخافون من شكلها بعد الإصابة، ومع ذلك، تواصل الأم التمسك بأمل ضعيف في أن تجد ابنتها فرصة للعلاج خارج القطاع، بعيدًا عن الموت البطيء الذي يلاحقها.
طفولة مسلوبة وأمل معلق
قصة مريم ليست مجرد حالة فردية، بل انعكاس لمعاناة آلاف الأطفال الذين يواجهون جراح الحرب وأهوال الحصار.
الطفلة التي كان من المفترض أن تنشغل بألعابها وكتبها المدرسية، تجد نفسها اليوم أسيرة ألم دائم وتشوه جسدي ونظرات قاسية من المحيطين بها.