ذات صلة

جمع

تصعيد دموي يُبدد آمال قمة السلام بين موسكو وكييف

يستمر المشهد العسكري الروسي الأوكراني في التصاعد، وسط هجمات...

مجاعة مستمرة في غزة.. وتصعيد عسكري إسرائيلي يُلوح في الأفق

مع دخول الحرب في قطاع غزة منعطفًا خطيرًا، أعلنت...

مداهمة بولتون.. تبعات قانونية وسياسية لمؤسسة ترامب

شهدت الساحة السياسية الأمريكية تطورًا جديدًا مع مداهمة مكتب...

مداهمة بولتون.. تبعات قانونية وسياسية لمؤسسة ترامب

شهدت الساحة السياسية الأمريكية تطوراً جديداً مع مداهمة مكتب...

حرب صامتة داخل المساجد.. أين تتّجه معركة الحوثيين مع النصوص الدينية؟                                                                                                                    

في إطار الحرب المفتوحة على التنوع الفكري والمذهبي، تواصل ميليشيا الحوثي تنفيذ سياسة ممنهجة تستهدف المساجد في المناطق الخاضعة لسيطرتها، عبر مصادرة الكتب الدينية المخالفة لفكرها، وإحلال ملازمها العقائدية مكانها، في خطوة تعكس سعيها الحثيث لفرض وصاية فكرية وعقائدية على المجتمع اليمني.

إلغاء التنوع الديني

ومنذ اجتياح صنعاء عام 2014، حول الحوثيون المساجد إلى ساحات لبث خطابهم، محاولين القضاء على التعايش المذهبي الذي ظل سائدًا لعقود.

في حادثة حديثة بأحد مساجد العاصمة، فوجئ المصلون بعناصر حوثية تصادر كتبًا دينية من رفوف الجامع، بدعوى أنها “تحرف الدين وتضلل الناس”.

وبرغم اعتراض المصلين، أجبر المسجد على التخلي عن كتبه التقليدية ليستبدلها بملازم حسين بدر الدين الحوثي، التي فرضت كمرجع وحيد للدروس الدينية.

الحادثة لم تكن معزولة، بل تمثل جزءًا من سلسلة متكررة على مدار السنوات الماضية، حيث اتبعت المليشيا سياسة ممنهجة لمصادرة الكتب وإلغاء أي مظاهر للتنوع الفكري، محاولة تحويل المجتمع إلى كتلة واحدة تدين بالولاء لأفكارها.

فكر هش قائم على التجهيل

الخطوات الحوثية تكشف عن ضعف بنيوي في منظومتهم الفكرية، إذ لا يملكون قدرة على مواجهة التنوع بالحجة، فيلجؤون إلى المنع والمصادرة.

وبحسب باحثين في الشأن الديني، فإن المليشيا ترى في أي كتاب مخالف تهديدًا مباشرًا لبقائها، لأن خطابها قائم على الخرافة وتقديس “الولاية”، وليس على الإقناع أو الحوار.

حتى أن تداول الكتب الدينية والفكرية أصبح أصعب بكثير من تداول السلاح في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيا، في مفارقة تكشف طبيعة المشروع الحوثي وأهدافه.

انتهاكات متواصلة بحق المساجد

منذ سيطرتها على صنعاء، ارتكبت الميليشيا آلاف الانتهاكات بحق المساجد ودور العبادة، تقارير حقوقية وثقت مصادرة مئات المكتبات، وتفجير ما يزيد عن 100 مسجد، وتحويل مئات أخرى إلى ثكنات عسكرية ومراكز دعائية، كما شملت الانتهاكات اغتيال وخطف أئمة وخطباء، وترويع المصلين، وفرض خطب موحدة تمجد قادة الجماعة.

ووفقًا للشبكة اليمنية للحقوق والحريات، سجلت الفترة بين 2015 و2025 أكثر من 4500 انتهاك ضد المساجد ورجال الدين، بينها القتل المباشر والتعذيب الجسدي والنفسي، ما جعل المساجد تتحول من أماكن للعبادة إلى ساحات صراع تفرض الميليشيا سيطرتها عليها بالقوة.

تُؤكد الممارسات الحوثية أن الجماعة لا تنطلق من مشروع ديني إصلاحي، بل من توجه عقائدي متشدد يسعى للهيمنة على المجتمع من بوابة الدين.

استبدال الكتب بمواد عقائدية خاصة، وقتل وخطف الأئمة، وتحويل المساجد إلى منصات سياسية ودعائية، كلها خطوات تكشف الوجه الحقيقي لما يمكن وصفه بـ”الإرهاب العقائدي”.

هذه السياسات تزيد من حالة الرفض الشعبي ضد الميليشيا، حيث يعبّر اليمنيون عن استيائهم المتصاعد من محاولات طمس الهوية المتنوعة للبلاد، معتبرين أن المساجد ينبغي أن تظل فضاءً جامعًا لكل المذاهب بعيدًا عن التوظيف السياسي والمذهبي الضيق.

حملات الحوثيين لمصادرة الكتب الدينية ليست مجرد إجراءات عابرة، بل جزء من مشروع متكامل يستهدف العقل اليمني، ويمحو الإرث الديني والفكري المتنوع الذي عرفت به البلاد عبر قرون.