شهدت أوكرانيا ليلة دامية جديدة بعدما شنّت القوات الروسية سلسلة هجمات جوية وصفت بالأعنف منذ أشهر، مستخدمة مئات الطائرات المسيرة والصواريخ بأنواعها المختلفة.
وأفادت صحيفة “كييف إندبندنت” ووكالة أنباء “آر بي سي يوكرين” بأن انفجارات هزت العاصمة كييف ومدينة لفيف غربي البلاد، حيث تم تفعيل أنظمة الدفاع الجوي على نطاق واسع للتصدي للموجة الهجومية.
وذكرت الوكالة أن السلطات الأوكرانية أصدرت إنذارًا جويًا في كييف مساء الأربعاء، فيما تواصلت الضربات بالطائرات المسيّرة طوال الليل. وشددت السلطات على ضرورة بقاء السكان في الملاجئ، وسط استمرار تفعيل أنظمة الدفاع الجوي داخل العاصمة.
استهداف منشأة أمريكية في غرب أوكرانيا
في تطور لافت، أعلن وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها، الخميس، أن روسيا استهدفت خلال الهجمات مصنعًا أمريكيًا للإلكترونيات في غرب البلاد، مما أسفر عن أضرار جسيمة وسقوط ضحايا.
وأوضح الوزير في منشور على منصة “إكس” أن المنشأة المستهدفة “مدنية بالكامل ولا علاقة لها بالجيش أو قطاع الدفاع”، مؤكدًا أن هذه ليست المرة الأولى التي تضرب فيها روسيا مصالح أمريكية داخل أوكرانيا.
وأشار سيبيها إلى أن موسكو سبق وأن استهدفت مكاتب شركة “بوينغ” في كييف خلال وقت سابق من العام الجاري، في إطار ما وصفه بـ”سياسة ممنهجة لإرهاب الشركات الأجنبية وإعاقة الدعم الغربي لكييف”.
هجوم واسع بمئات المسيّرات والصواريخ
من جهتها، أكدت القوات الجوية الأوكرانية أن الهجمات الروسية الأخيرة تضمنت استخدام 574 طائرة مسيّرة و40 صاروخًا من مختلف الأنواع، بينها صواريخ كروز وباليستية وصواريخ أسرع من الصوت.
وأشارت إلى أنها نجحت في إسقاط 546 مسيّرة و31 صاروخاً، بينما استهدفت الضربات 11 موقعًا وسقط حطام في ثلاثة مواقع متفرقة.
وتُظهر الأرقام، وفق المراقبين العسكريين، حجم التصعيد الروسي وسعيه لإرهاق الدفاعات الجوية الأوكرانية عبر الهجمات المتكررة والمكثفة، في وقت تستعد فيه الجبهة الغربية لأوكرانيا لاستقبال مزيد من الدعم العسكري من حلفائها.
قمة أمريكية أوروبية تبحث التصعيد
بالتزامن مع التصعيد العسكري، عقد البيت الأبيض اجتماعًا موسعًا الإثنين الماضي ضم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى جانب المستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بالإضافة إلى الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والأمين العام للناتو مارك روته.
ويأتي هذا الاجتماع بعد أيام قليلة من قمة جمعت ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا الأمريكية، حيث ناقش الطرفان سبل التوصل إلى وقف إطلاق النار ومستقبل العلاقات الثنائية.
وأكد ترامب، عقب لقائه القادة الأوروبيين، أن المحادثات كانت “جيدة للغاية”، مشيرًا إلى بدء التحضيرات لقمة ثلاثية مرتقبة تجمعه بكل من بوتين وزيلينسكي.
حرب ممتدة بلا أفق واضح
ومنذ 24 فبراير 2022، تشن روسيا حربًا شاملة على جارتها أوكرانيا، وتصر على أن إنهاء النزاع مرهون بتخلي كييف عن نيتها الانضمام إلى أي كيانات عسكرية غربية. بينما ترى أوكرانيا أن تلك المطالب تمثل “تدخلًا مباشرًا” في شؤونها الداخلية وحقها السيادي في تقرير مستقبلها.
ومع استمرار التصعيد الروسي والهجمات الواسعة بالطائرات المسيّرة والصواريخ، يبدو أن الأزمة تتجه نحو مزيد من التعقيد، في ظل غياب أي مؤشرات على قرب التوصل لتسوية سياسية شاملة، رغم المساعي الدبلوماسية الغربية المتسارعة لاحتواء الصراع.