تحولت منصات التواصل الاجتماعي في اليمن خلال الأيام الأخيرة إلى ساحة مواجهة سياسية، بعد أن اجتاح وسم #طردالإخوانواجب موقع “إكس” معلنًا عن موجة غضب شعبية متنامية تجاه حزب الإصلاح، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
الحملة الرقمية، التي بدأت بتغريدات فردية غاضبة، سرعان ما تحولت إلى تيار جارف استقطب مختلف الفئات اليمنية، من نشطاء سياسيين وصحفيين، إلى مواطنين عاديين ضاقوا ذرعًا بما يصفونه بـ”الهيمنة الحزبية” التي عطلت الدولة، وعمقت الفوضى، وساهمت في استمرار الحرب.
من الفضاء الافتراضي إلى المجال العام
اللافت، أن الحراك ضد الإخوان لم يبقَ محصورًا في الفضاء الرقمي، بل تمدّد إلى الشارع بشكل غير مباشر، من خلال تغذية النقاشات العامة، وإعادة فتح ملفات حساسة متعلقة بسيطرة الحزب على مفاصل الدولة، لا سيما المؤسسات الأمنية والعسكرية والخدمية.
في أكثر من مدينة، بدأت تظهر مؤشرات تحول هذا الغضب الإلكتروني إلى ضغط اجتماعي حقيقي، النقاشات التي كانت تدور خلف الشاشات باتت تفرض نفسها في المجالس، وتضع علامات استفهام واسعة حول طبيعة العلاقة بين الشرعية اليمنية وحزب الإصلاح، الذي يتهمه قطاع واسع من اليمنيين بإفشال أي مسار نحو الاستقرار أو استعادة الدولة.
خطاب يتجاوز النخب ويخاطب الشارع

الحملة لم تصدر عن كيان سياسي أو تحالف رسمي، بل انطلقت من عمق المزاج الشعبي، وبخطاب مباشر تجاوز قوالب التحليل التقليدية ليخاطب معاناة الشارع.
المستخدمون استخدموا لغة بسيطة وحادة، حملت اتهامات للإخوان بتخريب مؤسسات الدولة، والتلاعب بالشرعية، واحتكار المناصب، وتقديم الولاء الحزبي على حساب المصلحة الوطنية.
وقد أرفقت عشرات التدوينات بصور ووثائق وأسماء، تتهم شخصيات حزبية بارزة بالضلوع في قرارات إدارية وميدانية أضرت بمسار الحكومة، وشجعت على الفساد والمحسوبية، في مشهد يعيد إلى الأذهان تجارب سابقة لجماعة الإخوان في دول أخرى.
السياق السياسي يوفّر أرضًا خصبة للانفجار
وتأتي هذه الحملة وسط تدهور مستمر في الخدمات الأساسية، وانهيار اقتصادي، وتراجع في ثقة المواطنين بقدرة السلطة على إحداث أي اختراق إيجابي في ملفات الأمن والتنمية والسلام.
وبدا حزب الإصلاح في مرمى نيران الانتقادات، كونه مكونًا فاعلًا في الحكومة اليمنية منذ أكثر من عقد، دون أن يقدم ما يعتبره الناس “إنجازًا ملموسًا”.
ويعتقد مراقبون، أن تصاعد الغضب ضد الحزب لا يعكس مجرد سخط سياسي، بل هو تعبير عن شعور بالخذلان من تجربة قوى الإسلام السياسي التي اختبرت السلطة، ولم تثمر سوى مزيد من الانقسام والشلل المؤسسي.
هل تنجح الحملة في فرض التغيير؟
رغم أن الحملة لم تصدر عن جسم سياسي واضح، فإن تناميها واتساعها الجغرافي والطبقي قد يجعل منها عامل ضغط فعلي على مراكز القرار.
ومع تكرار مثل هذه الحملات في السنوات الأخيرة، يبدو أن المزاج اليمني العام يتجه نحو المطالبة بإعادة هيكلة الشرعية وتحريرها من القوى التي أعاقت تحوّلها إلى دولة مؤسسات.