تسعى جماعة الحوثيين في اليمن إلى تطوير بنية الاتصالات الخاصة بها بشكل غير مسبوق، عبر استيراد تقنيات متقدمة من الصين وروسيا، في خطوة تهدف إلى تعزيز السيطرة الداخلية وتقليل الاعتماد التقليدي على المعدات الإيرانية، هذا التحوّل يعكس محاولة الجماعة لإحكام قبضتها الأمنية والعسكرية، مع تجنّب الاختراقات التي طالت حلفاءها، وعلى رأسهم حزب الله اللبناني، خلال الأعوام الأخيرة.
التكنولوجيا الصينية والروسية لدى الحوثيين
وبدأت جماعة الحوثيين في استخدام معدات متطورة، أبرزها أجهزة تفريغ البيانات والتشويش، جرى استيرادها من الصين لصالح جهاز الأمن الوقائي الجهادي الذي يديره أحسن الحمران، أحد المقربين من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
ويشير تقرير “ديفانس لاين”، أن هذا التحوّل يسعى إلى تعزيز بنية الاتصالات لجماعة الحوثيين وتحسين قدرة التنسيق العسكري، خاصة مع التوسع في عملياتهم ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، وكذلك الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل.
وتكمن أهمية هذه الخطوة في توفير قدر أكبر من الأمان والمرونة، مقارنة بالأنظمة الإيرانية القديمة التي عُرفت بقابليتها للاختراق، خاصة من جانب أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية.
أدوار قيادية بارزة في مشروع تطوير الاتصالات
وتخضع خطة تطوير بنية الاتصالات لجماعة الحوثيين لإشراف مباشر من محمد حسين بدر الدين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، الذي يترأس دوائر الاتصالات الجهادية والعسكرية في وزارة الدفاع التابعة للحوثيين.
وإلى جانبه، يبرز عبد الخالق حطبة، الذي تلقى تدريبه في إيران ويشغل منصب نائب أول مدير الاتصالات العسكرية، وأحمد الشامي، نائب مدير الاتصالات العسكرية.
ويتولى ماجد أحمد سلمان مرعي، المقرّب من الحمران، إدارة الجانب المالي واللوجستي للمشروع، عبر تنشيط شبكات التهريب البرية والبحرية لتأمين وصول المعدات الحديثة، ما يعكس درجة التنظيم والصرامة في تنفيذ هذا المخطط.
تحديات أمنية واختراقات خارجية تضرب الاتصالات الحوثية
ورغم التطوير، تواجه بنية الاتصالات لجماعة الحوثيين تحديات معقدة، إذ تعرّضت مواقع عسكرية وأمنية حوثية لضربات موجعة، شملت تدمير شبكات البث والتشويش والرادارات، ما عرقل قدراتهم على تنسيق العمليات.
كما أكدت تقارير أمنية وجود مراقبة استخباراتية متقدمة من الولايات المتحدة، وإسرائيل، وبريطانيا، باستخدام الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة، ما كشف العديد من خطوط الاتصال الخاصة بالجماعة.
إضافة إلى ذلك، حذّرت تحليلات أمنية من احتمالات الاختراقات الداخلية والتجسس، التي قد تهدد البنية التنظيمية للجماعة وتؤدي إلى عمليات تصفية وصراعات داخلية قد تضعف تماسكها في المستقبل.
آفاق استراتيجية جديدة للحوثيين
ويؤكد هذا التوجّه أن تطوير بنية الاتصالات لجماعة الحوثيين ليس مجرد تحديث تقني، بل خطوة استراتيجية تهدف إلى ترسيخ النفوذ الداخلي وتقوية القدرة على شن عمليات هجومية في المنطقة، بما في ذلك استهداف الملاحة الإقليمية وإسرائيل.
ومع ذلك، تظل الضغوط الأمنية والاستخباراتية تشكّل عقبة كبيرة أمام الجماعة، ما يضع مشروعها أمام تحديات معقدة، بين ضرورة تحسين قدراتها التقنية والحفاظ على أمنها الداخلي من جهة، والحفاظ على علاقاتها وتحالفاتها الخارجية من جهة أخرى.