رغم مرور أكثر من عقد على سقوط النظام الليبي السابق، ما تزال الأراضي الليبية تعج بالمرتزقة الأجانب الذين يمثلون تهديدًا مباشرًا لأي عملية سياسية أو انتخابات وطنية، وهذا الملف المعقد لم يُحسم رغم توقيع اتفاقات أممية ومطالبات دولية متكررة بخروج جميع القوات الأجنبية.
فمن الشرق الليبي إلى الغرب، ومن الجنوب إلى العاصمة طرابلس، يتوزع هؤلاء المقاتلون المدعومون من أطراف إقليمية ودولية، ويتحولون إلى أدوات للضغط السياسي وتقويض السيادة الليبية.
أخطر ملف يواجه الاستقرار في ليبيا.. المرتزقة الأجانب والولاءات العابرة للحدود
وجاء المرتزقة إلى ليبيا من دول عدة بينها: السودان، تشاد، سوريا وروسيا، ويخضعون لتوجيهات دول مثل: تركيا وروسيا، وقد استعانت بهم القوى الليبية المتصارعة، سواء حكومة الوفاق سابقًا أو قوات الجيش الوطني، لتعزيز نفوذها الميداني.
ورغم المطالبات المتكررة بإجلائهم، لم تلتزم أي جهة بإخراج المرتزقة، ما يطرح تساؤلات حول جدية الأطراف الدولية، ويكشف هشاشة القرار الليبي في مواجهة تدخلات خارجية.
تحالف الإخوان والمرتزقة في ليبيا
وتؤكد تقارير موثوقة، أن جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا تتحالف مع فصائل مسلحة تدعمها تركيا، ويجري استخدام المرتزقة السوريين كقوة ضاربة لتعطيل أي تسوية سياسية لا تضمن بقاء الجماعة في المشهد.
ولكن هذا التحالف ينسف أي جهود لإجراء انتخابات حرة أو إنهاء الانقسام السياسي، حيث يتحرك المرتزقة ضمن أجندات تتجاوز المصالح الليبية، ويخدمون أطرافًا لا ترغب في قيام دولة مستقرة موحدة.
الوجود الروسي في ليبيا.. من فاغنر إلى شركات أمنية جديدة
ورغم الإعلان عن انسحاب عناصر فاغنر بعد مقتل قائدها، إلا أن تقارير لجنة الخبراء الأممية في مارس 2025 أكدت أن الوجود الروسي ما يزال قائمًا، من خلال شركات أمنية بديلة.
وينتشر هؤلاء العناصر في قواعد بالجنوب والهلال النفطي، ويعملون على تأمين مصالح موسكو السياسية والاقتصادية؛ مما يُعقّد مسار المفاوضات ويُضعف فرص الاستقرار.
كيف يزعزع المرتزقة استقرار ليبيا ودول الجوار؟
ويعيق المرتزقة مسار الانتخابات الليبية بسبب هيمنتهم على مفاصل أمنية في عدة مدن، ويُحركون النزاعات المسلحة ويخلقون بيئة مناسبة لتوسع الجماعات الإرهابية، ويسهمون في تهريب السلاح والبشر عبر الحدود؛ مما يُهدد أمن دول الساحل والنيجر وتشاد.
ومع غياب ردع دولي فعلي، تتجه ليبيا أكثر نحو تفتيت طويل الأمد يشبه السيناريو السوري أو الصومالي، في ظل استمرار المرتزقة على الأرض.
الحل يبدأ من تفكيك ملف المرتزقة في ليبيا
وإذا كانت ليبيا تطمح لبناء دولة مستقرة، فإن إخراج المرتزقة الأجانب هو الخطوة الأولى والأهم، لذا يتطلب ذلك إجماعًا دوليًا حقيقيًا، يتجاوز المصالح المتضاربة، ودعمًا للمؤسسات الأمنية الموحدة، وملاحقة الممولين والمستفيدين من بقاء المرتزقة.
فطالما ظل المرتزقة لاعبًا رئيسيًا في ليبيا، ستظل البلاد أسيرة الصراعات، ويظل الاستقرار حلمًا مؤجلًا، لذا معالجة هذا الملف ليست مجرد مطلب سياسي، بل ضرورة وطنية تمس مستقبل السيادة الليبية والاستقرار الإقليمي.