في السنوات الأخيرة، تلقى تنظيم الإخوان الإرهابي، ضربة موجعة في واحدة من أهم أدواته الاستراتيجية التي طالما اعتمد عليها لتوسيع نفوذه وكسب الرأي العام، وهي المنصات الإعلامية.
بعد أن كان يملك صوتًا مسموعًا في أوساط جماهيرية متعددة، أصبح اليوم خارج التغطية تمامًا، يعاني من عزلة شعبية عميقة، ورفض واسع النطاق لأي محتوى يصدر عنه.
التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها عدد من الدول العربية، خصوصًا بعد انكشاف الوجه الحقيقي للتنظيم، جعلت الشعوب تعيد النظر في كل ما يقدم عبر منصاته الإعلامية.
القنوات التي كانت تحظى بمتابعة مرتفعة في السابق، باتت اليوم طاردة، لا تملك مصداقية، ولا تثير اهتمامًا إلا لدى بعض الأنصار التقليديين.
التضليل بدل الإعلام والمحتوى بدل المشروع
فقد التنظيم القدرة على التأثير بمجرد أن بدأ الجمهور يلاحظ التناقض الصارخ بين الخطاب الإعلامي والواقع، لم يعد الناس يتفاعلون مع القصص التي تروجها القنوات الإخوانية، ولا مع مقاطع الفيديو العاطفية التي كانت تُستخدم لتحريك مشاعر الغضب والاحتجاج.
كذلك بدأت الشعوب تلتفت إلى المنجزات على الأرض، وتشهد تحسنًا تدريجيًا في قطاعات عدة؛ مما زاد من رفضها لمحاولات التنظيم تصوير الحكومات كأنها فاشلة أو فاسدة بشكل مطلق، الوعي الشعبي المتنامي أصبح الجدار الأول الذي اصطدمت به محاولات التنظيم لإعادة تسويق نفسه إعلاميًا.
مع فقدان التأثير الجماهيري، تحولت المنصات التابعة للإخوان إلى مجرد أدوات لترديد الشائعات، أو مهاجمة الخصوم، دون امتلاك مشروع حقيقي أو رؤية واضحة.
كذلك لجأ التنظيم إلى حملات تضليل مركزة تعتمد على بث الأخبار الكاذبة، وبث روح اليأس في نفوس الناس، خاصة في أوقات الأزمات، وهو ما زاد من انكشافه أمام الرأي العام.
من العزلة الإعلامية إلى الانكشاف الرقمي
اليوم، لم يعد الجمهور العربي بحاجة إلى من يشرح له أهداف تلك القنوات، فالتجربة خير دليل، الشعوب التي عانت من خطاب التحريض والانقسام تعلمت أن الحقيقة لا تصنع في غرف مظلمة، وأن الصوت المرتفع لا يعني دائمًا المصداقية.
حتى الحملات الإلكترونية التي كان التنظيم ينفذها على منصات التواصل لم تعد تحقق النجاح السابق، أصبح المستخدم العربي أكثر وعيًا بأدوات التلاعب الإعلامي، وأكثر حذرًا في تفاعلاته الرقمية، ما جعل المحتوى الإخواني يواجه عزلة رقمية مشابهة لعزلته الواقعية.
التنظيم فقد أهم أدواته الناعمة، وأصبح صوته الإعلامي مرفوضًا في الشارع، ومعزولًا في الفضاء الرقمي، وما بين العجز عن التأثير، وانعدام الثقة، يجد الإخوان أنفسهم اليوم في موقع دفاع دائم، بلا جمهور ولا مشروع، في مشهد يلخص نهاية مرحلة، وبداية انكشاف طويل الأمد.