ذات صلة

جمع

“تعثُّر الوساطات.. مفاوضات غزة تدخل نفق الجمود والتصعيد”

تشهد المفاوضات بين حركة “حماس” وإسرائيل حالة من الجمود،...

الإخوان وتحالفاتهم الخارجية.. مخطّط لإرباك تونس من بوابة الاحتجاجات

شهدت تونس خلال اليومين الماضيين، تزامنًا مع عيد العمال...

الحوثيون يحتجزون شحنات الوقود: استعداد لأزمة مفتعلة أم تخطيط عسكري؟

اتهمت ميليشيا الحوثي، الخميس، الولايات المتحدة الأمريكية بالتسبب في...

ما بعد الأحكام.. هل تسدل تونس الستار على نفوذ الإخوان أم تفتح باب الصراع السياسي من جديد؟

لم تمضِ أيام على صدور الأحكام في قضية التآمر على أمن الدولة، حتى تلقى تنظيم الإخوان في تونس ضربة موجعة قضت على آماله في العودة إلى المشهد السياسي.

الأحكام القضائية الأخيرة بتونس في ملف “تسفير الإرهابيين” لم تكن مجرد فصل قانوني، بل تحولت إلى لحظة فاصلة أعادت فتح أسئلة عميقة حول مستقبل التيار الإخواني، ومآلات الصراع السياسي في البلاد.

نهاية مرحلة أم بداية مواجهة جديدة؟

الأحكام المشددة التي أصدرتها المحكمة التونسية في حق قيادات إخوانية بارزة شكلت منعرجًا في مسار المواجهة بين الدولة وتنظيم النهضة، فبينما اعتبرها كثيرون نهاية لمرحلة من الهيمنة الإخوانية، يرى آخرون أنها قد تكون شرارة لموجة جديدة من التوتر السياسي والاجتماعي.

صدر الحكم في واحدة من أكثر القضايا حساسية، والتي تعود جذورها إلى العقد الماضي، حين انتعش نفوذ الإخوان بعد 2011 وسيطروا على مفاصل الحكم.

والأحكام، التي تراوحت بين 18 و36 سنة سجنا، لم تطل أسماء ثانوية، بل استهدفت قادة الصف الأول، ما أعاد للسطح تساؤلات عن حجم التغلغل الذي بلغه التنظيم داخل أجهزة الدولة.

قائمة ثقيلة من التهم

التهم الموجهة للمتهمين جسدت عمق الخطر الذي مثله التنظيم، إذ شملت تكوين وفاق إرهابي، وتجنيد وتسفير مقاتلين إلى بؤر التوتر، وتمويل رحلاتهم، واستعمال التراب التونسي لانطلاق عمليات ضد دول أجنبية.

عشرات الساعات من المرافعات والمداولات انتهت بأحكام لم تترك مجالا للتأويل، والقضاء أطلق رسالته بأن زمن الإفلات من العقاب قد ولّى.

سقوط الأذرع الأمنية

ومن أبرز الأسماء التي طالتها الأحكام، نائب رئيس حركة النهضة علي العريض، والذي حكم عليه بـ34 عامًا، إلى جانب كل من نور الدين قندوز، عبد الكريم العبيدي، وفتحي البلدي. هؤلاء لم يكونوا مجرد شخصيات سياسية، بل شكلوا أذرعًا أمنية موازية داخل مؤسسات الدولة، حسب ما كشفته التحقيقات.

فتحي البلدي مثلا، كان يشرف على إنشاء خلايا أمنية تابعة للنهضة داخل وزارة الداخلية، في حين لعب عبد الكريم العبيدي دورًا محوريًا في تسهيل عبور الإرهابيين عبر مطار قرطاج.

وما بدا في السابق إشاعات أو اتهامات سياسية، تحول اليوم إلى أحكام قضائية مثبتة.

ثمن الدم التونسي

عائلات ضحايا الإرهاب والمتضررون من سياسات التسفير تنفسوا الصعداء، معتبرين أن العدالة بدأت تأخذ مجراها.

وكثيرون رأوا في هذه الأحكام إنصافا متأخرا لضحايا جرائم نفذت باسم الدين وتحت شعارات زائفة.

نائبة سابقة مثل فاطمة المسدي، التي قادت حملة كشف ملف التسفير، أكدت أن هذا الانتصار ليس شخصيًا بل هو وفاء لدماء الشباب الذين تم التغرير بهم.

تصريحاتها أعادت التذكير بأن الدولة كانت لفترة طويلة ساحة مفتوحة أمام الجماعات المتطرفة، وأن كلفة تلك المرحلة ما تزال تدفع حتى اليوم.

ورغم كل ما تحقق، فإن معركة تونس مع تنظيم الإخوان لم تنته بعد، فالأحكام الحالية شملت ثمانية متهمين فقط من أصل أكثر من 800 شخص، ما تزال ملفاتهم قيد التحقيق.

كما أن هذه القضايا يمكن أن تفتح أبوابًا أخرى نحو محاكمات في ملفات اغتيالات سياسية وتهريب أموال وارتباطات خارجية.

spot_img