أثار قرار محكمة تركية باحتجاز رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية التركية والدولية، ويأتي هذا القرار في ظل أجواء سياسية مشحونة قبل الانتخابات المحلية، ما دفع الكثيرين للتساؤل عما إذا كانت الخطوة قانونية بحتة أم أنها تحمل أبعادًا سياسية.
ما التهم الموجهة لإمام أوغلو؟
وتم توجيه تهم لرئيس البلدية تتعلق بـ”الإساءة إلى المسؤولين الحكوميين” على خلفية تصريحات أدلى بها في وقت سابق.
وتُعد هذه التهمة أداة قانونية شائعة في تركيا، حيث وُجهت سابقًا لعدد من الشخصيات المعارضة.
ومثل إمام أوغلو، مساء السبت مع 90 متهمًا أمام محكمة تشاغليان في إسطنبول، بعدما وُجهت إليه بضع تهم بينها “الإرهاب”، وأعلن محامو إمام أوغلو أنهم سيستأنفون أمر المحكمة.
التداعيات السياسية
ويمثل أكرم إمام أوغلو، المنتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض، شخصية بارزة في المشهد السياسي التركي، وقد فاز بمنصب رئيس بلدية إسطنبول في انتخابات مثيرة للجدل عام 2019، ما شكل ضربة سياسية كبيرة لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
ويأتي قرار احتجازه في وقت حساس مع اقتراب الانتخابات، ما عزز الشكوك حول استغلال القضاء كوسيلة لتصفية الخصوم السياسيين.
ومن ناحيته، قال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، في أول تعليق له عقب حكم المحكمة، إنه لن يستسلم بعد أن أمرت محكمة باحتجازه على ذمة المحاكمة في إطار تحقيق يتعلق باتهامات بالفساد.
وأضاف في منشور عبر منصة “إكس” مخاطبًا الذين شاركوا في المظاهرات الحاشدة التي تشهدها تركيا منذ أيام: “معًا سنتصدى لتلك الضربة وتلك الوصمة السوداء في ديمقراطيتنا.. أقف بشموخ ولن أركع”.
وطال أكرم إمام أوغلو الناخبين الأتراك بـ”التوجه إلى صناديق الاقتراع وإعلان نضالهم من أجل الديمقراطية والعدالة للعالم أجمع”.
ردود الفعل الداخلية والدولية
فيما لاقى القرار إدانات من أحزاب المعارضة، التي اعتبرته محاولة لتقويض الديمقراطية في البلاد، كما أعربت منظمات حقوقية دولية عن قلقها إزاء استقلالية القضاء في تركيا.
وقال زعيم حزب المعارضة الرئيسي في إنه سيقدم طعنا قانونيا على قرار أصدرته محكمة، اليوم الأحد، باحتجاز رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو على ذمة المحاكمة بتهم الفساد، مضيفا أن القضية مؤامرة وذات دوافع سياسية، وفقا لما نشرته وكالة “رويترز”.
وأضاف زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزجور أوزيل للصحفيين في المحكمة بإسطنبول أن مجلس بلدية المدينة سينتخب الآن شخصًا ليقوم بأعمال رئيس البلدية بالوكالة إلى حين صدور حكم في قضية.
ماذا بعد؟
لذا من المتوقع أن يستمر الجدل حول هذه القضية في الأيام المُقبلة، مع تصعيد المعارضة لحملاتها ضد ما تصفه بـ”التضييق على الأصوات المعارضة”. في المقابل، يؤكد الحزب الحاكم أن القضاء مستقل، وأن القرار يأتي ضمن إطار تطبيق القانون.
ويبقى احتجاز رئيس بلدية إسطنبول اختبارًا حقيقيًا للديمقراطية التركية، وسيلقي بظلاله على المشهد السياسي في الفترة المقبلة. فهل ستتمكن المعارضة من استثمار هذا الحدث لتعزيز موقفها؟ أم أن الحكومة ستنجح في تبرير القرار أمام الرأي العام؟