في ظل تصاعد الانتهاكات المزعومة في اليمن، تتعالى الأصوات المطالبة بالتحقيق في وفيات عدد من المحتجزين والمختطفين لدى مليشيات الحوثي، وسط تقارير عن تعرضهم لظروف احتجاز قاسية وإهمال طبي، حيث إن هذه الحوادث أثارت موجة من الغضب بين الناشطين والمنظمات الحقوقية، الذين يطالبون بتحركات دولية عاجلة لإنصاف الضحايا ومساءلة المسؤولين.
أزمة متصاعدة
تشير تقارير محلية ودولية، أن مليشيات الحوثي، التي تسيطر على أجزاء واسعة من اليمن منذ سنوات، تعتقل وتختطف عشرات الأشخاص، بينهم نشطاء سياسيون وصحفيون ومدنيون، دون محاكمات قانونية.
وتفيد مصادر حقوقية بأن العديد من المحتجزين يواجهون ظروفًا إنسانية صعبة، تشمل الازدحام الشديد، ونقص الغذاء والدواء، والتعذيب وسوء المعاملة.
ونددت أكثر من عشر منظمات حقوقية يمنية، بالانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان في مناطق سيطرة جماعة الحوثي التي أدت إلى وفاة والدة المختطفة رباب المضواحي، وقالت المنظمات -في بيان مشترك-، إنها تدين بشدة الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان في اليمن والتي أدت إلى الوفاة المأساوية لوالدة المختطفة رباب المضواحي.
وأضاف البيان: “لقد توفيت في حزن وألم على ابنتها التي لا تزال معتقلة في سجون الحوثيين، بعد معاناة طويلة بسبب عدم اليقين بشأن مصير ابنتها والعذاب النفسي الذي تحملته”.
واختطفت جماعة الحوثي المضواحي في يونيو 2024 ضمن حملة واسعة النطاق تستهدف عددًا كبيرًا من موظفي مكاتب وسفارات الأمم المتحدة بتهمة التجسس الملفقة، وتهدد هذه الممارسات القمعية حياة الأبرياء وتشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان والقانون الدولي.
كما أدانت بشدة وفاة أحمد باعلوي، أحد العاملين في المجال الإنساني التابع لبرنامج الغذاء العالمي، والذي توفي في صعدة نتيجة التعذيب الوحشي، وأضافت المنظمات أن هذا الحدث المأساوي بمثابة تذكير مؤلم بالانتهاكات الجسيمة المرتكبة ضد العاملين في المجال الإنساني والموظفين الدوليين في اليمن.
سياسات التعذيب والاحتجاز
وأكدت المنظمات، أن استمرار الحوثيين في ممارسة التعذيب والاحتجاز في ظروف غير إنسانية، إلى جانب حرمان المعتقلين من التواصل مع عائلاتهم أو الحصول على الزيارات، يمثل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وتحديًا صارخًا للقانون الدولي والمجتمع الدولي.
وطالبت بإجراء تحقيق دولي فوري ومستقل في جميع حالات الاعتقال التعسفي والوفيات الناتجة مباشرة عن السجن أو غير مباشرة بسبب المعاناة التي تسبب بها هذا الاعتقال كما في حالة والدة السيدة رباب المضواحي، كما طالبت بالإفراج الفوري عن المختطفة رباب المضواحي وكل المعتقلين الأبرياء المحتجزين ظلماً لدى الحوثيين، وضمان سلامتهم النفسية والجسدية.
ودعت إلى مراجعة شاملة لممارسات الحوثيين اللاإنسانية، وخاصة احتجازهم وتعذيبهم لموظفي المنظمات الدولية، وضمان حقهم في العمل في بيئة آمنة والتواصل مع أسرهم مع تلقي الدعم اللازم، وطالبت بفرض عقوبات دولية شاملة فوراً على المسؤولين عن هذه الانتهاكات، وخاصة قيادات الحوثيين الذين يرتكبون التعذيب والقتل وتهديد الاستقرار الإنساني في اليمن.
كما وجهت دعوة شديدة اللهجة للأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية لممارسة أقصى الضغوط على الحوثيين لوقف هذه الانتهاكات وحماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني وضمان التزامهم بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
حالات وفاة مثيرة للجدل
كما أنه في الأشهر الأخيرة، تم الإبلاغ عن وفاة عدة محتجزين في سجون الحوثي، بعضهم بسبب أمراض يمكن علاجها، بينما يشتبه في أن وفيات أخرى نجمت عن التعذيب أو الإهمال الطبي المتعمد.
ومن بين الحالات التي أثارت جدلًا واسعًا، منها وفاة الناشط السياسي علي أحمد، الذي توفي بعد أشهر من الاحتجاز دون تلقيه العلاج اللازم لإصابته بأمراض مزمنة، ووفاة الصحفي محمد حسن، الذي قيل إنه تعرض لتعذيب ممنهج خلال فترة احتجازه.
وهذه الحوادث أثارت موجة من الغضب على منصات التواصل الاجتماعي، حيث طالب ناشطون ومغردون بتحقيق دولي في هذه الانتهاكات.
المطالبات الحقوقية
لذا وجهت منظمات حقوقية، محلية ودولية، انتقادات حادة لمليشيات الحوثي، ودعت إلى تحرك عاجل لإنهاء معاناة المحتجزين. ومن أبرز المطالب: فتح تحقيق دولي مستقل في ظروف الاحتجاز ووفيات المحتجزين، والسماح لمنظمات حقوق الإنسان بالوصول إلى مراكز الاحتجاز للاطلاع على الظروف الإنسانية، ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والإهمال الطبي، والإفراج الفوري عن جميع المحتجزين دون تهم قانونية.
كما طالبت الأمم المتحدة بضرورة احترام القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في اليمن، مؤكدة أن استمرار هذه الانتهاكات يزيد من معاناة الشعب اليمني.
ردود فعل دولية
فيما أعربت دول ومنظمات دولية عن قلقها إزاء التقارير المتعلقة بوفيات المحتجزين. ودعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى وقف الانتهاكات وضمان محاسبة المسؤولين. كما طالبت الأمم المتحدة بضرورة احترام القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في اليمن.
ومع استمرار الصراع في اليمن، يبدو أن أزمة المحتجزين والمختطفين ستتفاقم في ظل غياب آليات محاسبة حقيقية.
وتزداد المخاوف من أن تؤدي هذه الانتهاكات إلى مزيد من التدهور الإنساني في البلاد، ما يتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا لإنصاف الضحايا ووضع حد لمعاناة الأبرياء.
وتبقى أزمة المحتجزين لدى مليشيات الحوثي واحدة من أكثر القضايا إلحاحًا في اليمن، حيث تتداخل الانتهاكات الحقوقية مع تعقيدات الصراع السياسي، مما يتطلب جهودًا متضافرة محليًا ودوليًا لمعالجتها.