في قرار مفاجئ جاء في خضم الانتخابات الرئاسية الأميركية، أقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزير الدفاع يوآف غالانت، اليوم الثلاثاء، ما أشعل شوارع تل أبيب ودفع بالمئات في الشوارع للاحتجاج على ذلك القرار.
نتنياهو: لا أثق في إدارة غالانت
وعن أسباب تلك الإقالة المفاجئة، برر مكتب نتنياهو في بيان أنه: “لا يثق في إدارته للعمليات العسكرية الإسرائيلية الجارية”.
وأضاف بشأن غالانت المنتمي مثله إلى حزب الليكود اليميني “على الرغم من أن الأشهر الأولى من الحملة شهدت مثل هذه الثقة والعمل المثمر، إلا أن هذه الثقة تآكلت على مدى الأشهر الماضية. في ضوء ذلك، قررت اليوم إنهاء ولاية وزير الدفاع”.
وأكد نتنياهو أنه حاول مرارًا ردم الهوة بينه وبين غالانت، إلا أن التباينات “ما انفكت تنمو”، مضيفًا “هذه الانقسامات بلغت الحيز العام بشكل غير معهود بل أسوأ من ذلك، أصبحت معروفة من قبل أعدائنا الذين فرحوا بها واستفادوا منها بشكل كبير”.
وشدد على أن “خيانة الأمانة المتزايد بين وزير الدفاع وبيني أصبحت علنية، ما يحول دون المواصلة الطبيعية لإدارة حملتنا” العسكرية.
وعيّن نتنياهو وزير الخارجية يسرائيل كاتس بدلاً من غالانت، في حين سيتولى جدعون ساعر حقيبة الخارجية خلفًا لكاتس.
غالانت يرد
وخرج وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت معلقًا عبر حسابه في “إكس”، بقوله: “إن أمن دولة إسرائيل كان وسيظل دائمًا مهمة حياتي”.
فيما هنأ وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير نتنياهو على قراره بإقالة غالانت، وقال بن غفير: “مع غالانت الذي لا يزال عالقًا بعمق في المفهوم السابق، لا يمكن الوصول إلى النصر الكامل – وقد أحسن رئيس الوزراء صنعًا بنقله من منصبه”.
أما رئيس حزب “الديمقراطيين” يائير غولان فدعا الإسرائيليين عبر “إكس” إلى النزول إلى الشوارع من أجل الاحتجاج على القرار.
وكان غالانت قبل ساعات من إقالته قد أصدر قرارات تجنيد جديدة تشمل 7 آلاف من اليهود المتدينين “الحريديم”، مع ازدياد الحاجة لجنود الاحتياط بعد عام من الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
احتجاجات في تل أبيب
وعقب إعلان الإقالة، تجمّع مئات الإسرائيليين في تل أبيب احتجاجًا على إقالة غالانت وهتفوا بشعارات مناهضة للحكومة ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وفرضت الشرطة الإسرائيلية إغلاقات مرورية في محيط مقر إقامة نتنياهو في القدس بعد الإعلان عن إقالة غالانت، في حين دعت منظمات إلى تنظيم احتجاجات على قرار الإقالة.
وذكرت قناة “كان” العبرية أن إقالة وزير الحرب غالانت وضعت رئيس الشاباك ورئيس الأركان ووزير الأمن المقال في مواجهة مباشرة مع نتنياهو، وسط انتقادات لقراره في هذا التوقيت الحساس.
ووفقًا لمسؤولين أمنيين تحدثوا لقناة “كان”، فإن إقالة غالانت في هذا التوقيت تعتبر خطوة غير مسؤولة، خاصة في ظل توقعات بتصاعد تهديدات إيرانية ضد إسرائيل، كما أنها تحمل تداعيات خطيرة على المستوى السياسي والأمني في إسرائيل، وقد تؤثر سلبًا على استقرار كيان الاحتلال.
الخلافات بين نتنياهو وغالانت
وترجع الخلافات بين نتنياهو وغالانت منذ شهور، وهو ما يعكس انقسامًا أوسع بين الائتلاف الحاكم اليميني في إسرائيل والجيش الذي أعلن منذ فترة طويلة أنه يفضل التوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال وإعادة عشرات الرهائن المحتجزين لدى “حماس”.
وقبل وقت قصير من اندلاع الصراع في غزة، أقال نتنياهو غالانت بسبب خلافات على خطط الحكومة لتعديل النظام القضائي الإسرائيلي، قبل أن يعيده بعد احتجاجات حاشدة.
وطفت على السطح الخلافات بين نتنياهو وغالانت الذي ارتقى إلى رتبة جنرال عبر مسيرة عسكرية مستمرة منذ 35 عامًا بدأها في وحدة قوات خاصة بحرية.
وعلى الرغم من تشدده في معالجة المسائل الأمنية، بينها التعامل مع “حماس”، استخف غالانت علانية بهدف نتنياهو الذي دأب على التصريح به والمتمثل في تحقيق “نصر كامل” في غزة ووصف ذلك بأنه “هراء”، لكن التواء هندسة السياسة الإسرائيلية منذ بدء حرب غزة ربط بين الاثنين، مما منع نتنياهو من إقالة غالانت ومنعته من الانسحاب.
وأشار الموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى أن “نتنياهو أبلغ غالانت بقرار إقالته قبل 10 دقائق فقط من إصدار البيان”.
جدير بالذكر أن نتنياهو وغالانت يواجهان اتهامات بارتكاب جرائم حرب بموجب مذكرات اعتقال صادرة من المحكمة الجنائية الدولية في 20 مايو/أيار الماضي، متعلقة بهجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل والحرب اللاحقة في غزة.