مع قرب الانتخابات الرئاسية الإيرانية الحاسمة، بعد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث سقوط مروحيته، يحيط بتلك الانتخابات جدل واسع، آخرها تصاعد أصوات شبابية لمقاطعة الاقتراع رفضًا لسياسات الدولة.
ونشر إيرانيون وسم “#سيرك الانتخابات” على نطاق واسع عبر منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي في الأسابيع القليلة الماضية، بينما دعا بعض الإيرانيين في الداخل والخارج إلى مقاطعة الانتخابات.
ومن الشباب المقاطعين للانتخابات، الفتاة الإيرانية أتوسا التي شاركت في احتجاجات غاضبة مناوئة لحكام إيران في عام 2022 قبل أن يسعى آخرون مؤيدون للحكومة في دحرها، وبعد مرور عامين لا تزال وجهات النظر السياسية للفريقين متناقضة بصورة تعكس صدعاً سيرسم ملامح نتيجة الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية هذا الأسبوع.
وتقول أتوسا (22 سنة): إنها ستحجم عن التصويت في الانتخابات التي ستجرى الجمعة المقبلة لاختيار خليفة للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي بعد وفاته في حادثة تحطم طائرة هليكوبتر، إذ تنظر للتصويت بسخرية.
وعلى النقيض، يدعم آخرون الانتخابات، ومنهم رضا (26 سنة) وهو شاب متدين متطوع في ميليشيات الباسيج، يقول إنه عازم على التصويت.
ويلقي هذا التناقض في وجهات النظر الضوء على الانقسام في إيران بين مؤيدي ومعارضي الجمهورية الإسلامية التي يبلغ عمرها 45 سنة، ويخوض المنافسة خمسة من غلاة المحافظين وسياسي معتدل واحد وافق على ترشحهم مجلس صيانة الدستور.
وخطب المرشحون الستة ود الناخبين الشبان في الخطب ورسائل الحملات الانتخابية، واستخدموا مواقع التواصل الاجتماعي للوصول إلى من تقل أعمارهم عن 30 سنة الذين يشكلون 60 في المئة من السكان البالغ عددهم 85 مليون نسمة.
وقالت أتوسا لـ”رويترز”، “هذه الانتخابات، مثل كل انتخابات في إيران… سيرك. لماذا أصوت بينما أريد إطاحة النظام؟”، ورفضت الكشف عن اسمها بالكامل لأسباب أمنية. وأضافت “حتى لو كانت انتخابات حرة ونزيهة، ولو كان جميع المرشحين قادرين على خوض السباق، فإن الرئيس في إيران لا يملك أي سلطة”.
وفي ظل نظام ولاية الفقيه، يدير الرئيس المنتخب الشؤون اليومية للحكومة، لكن سلطاته تخضع لسلطات الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي الذي له القول الفصل في القضايا الرئيسة مثل السياسات النووية والخارجية.
ومثل كثير من النساء والشبان الإيرانيين شاركت أتوسا في الاحتجاجات في عام 2022 التي أشعلت شرارتها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في حجز شرطة الأخلاق بعد القبض عليها بتهمة انتهاك قواعد ارتداء الحجاب. وتصاعدت الاضطرابات لتصبح أكبر استعراض للمعارضة لحكام إيران الدينيين منذ سنوات.
القبض على أتوسا، التي كانت طالبة آنذاك، في أثناء الاحتجاجات وتحطم حلمها في أن تصبح مهندسة معمارية عندما طردت من الجامعة عقاباً على مشاركتها في التظاهرات.
وانتشرت ميليشيات “الباسيج”، وهي قوة تابعة لـ”الحرس الثوري” من متطوعين مدنيين، إلى جانب قوات الأمن النظامية خلال اضطرابات 2022 وساعدت في قمع الاحتجاجات بالقوة المميتة.
وقالت جماعات حقوقية: إن أكثر من 500 شخص، بينهم 71 من القصر، قتلوا وأصيب المئات واعتقل الآلاف في الاحتجاجات التي سحقتها قوات الأمن في نهاية المطاف.
ونفذت إيران سبع عمليات إعدام مرتبطة بالاضطرابات. ولم تعلن السلطات أي تقدير رسمي لعدد القتلى، لكنها قالت إن العشرات من قوات الأمن قتلوا في “أعمال شغب”.
وقال رضا، وهو من منطقة نازي آباد في جنوب طهران وغالب قاطنيها من محدودي الدخل “سأضحي بحياتي من أجل الزعيم والجمهورية الإسلامية. التصويت واجب ديني. ومشاركتي ستدعم النظام”، وأضاف أنه سيدعم مرشحاً من غلاة المحافظين يدافع عن “اقتصاد المقاومة” الذي صاغه خامنئي، وهي عبارة تعني الاكتفاء الذاتي اقتصادياً وتعزيز العلاقات التجارية مع الجيران بالمنطقة وتحسين التعاون الاقتصادي مع الصين وروسيا.
فيما يئن الاقتصاد تحت وطأة سوء الإدارة والفساد الحكومي والعقوبات التي أعيد فرضها منذ 2018 بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران في 2015 مع ست قوى عالمية.
ولدى رضا واتوسا، وكلاهما ولدا بعد الثورة الإسلامية في 1979، مشاعر سلبية حيال تظاهرات 2022، وإن كان لكل منهما أسباب مختلفة، فرضا يلقي باللوم على الاحتجاجات في زيادة الضغوط على إيران من الدول الغربية التي فرضت عقوبات تستهدف قوات الأمن ومسؤولين إيرانيين على خلفية مزاعم انتهاكات لحقوق الإنسان. واتهمت طهران القوى الغربية بالوقوف وراء إثارة الاضطرابات.