بعد انتخابات ضخمة شهدتها البلاد، جاءت النتائج الرسمية لتصويت مجلس الأمة الكويتي عكس المتوقع، إذ احتفظت المعارضة في الكويت بغالبية المقاعد.
وبحسب النتائج الرسمية التي نشرتها وكالة الأنباء الكويتية الرسمية “كونا”، في أعقاب رابع انتخابات برلمانية خلال أربع سنوات والأولى في عهد أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حيث أبقت المعارضة على مقاعدها الـ 29 من أصل 50، وحافظ 39 نائباً من مجلس الأمة المنحل على مقاعدهم وغالبيتهم من الإسلاميين، بينما خسر ثمانية نواب سابقين تمثليهم النيابي، وشمل التغيير 11 معقداً، فاز باثنين منها عضوان في “حركة العمل الشعبي” المعارضة التي يقودها النائب السابق والمعارض مسلم البراك.
وكان أمير الكويت قد حلّ مجلس الأمة منتصف فبراير الماضي بسبب إساءة له خلال جلسة برلمانية، تضمّنها رد النائب الكندري على خطاب للأمير اتهم فيه البرلمان والحكومة بالإضرار بالبلاد، وفسر الوزراء تصريحات الكندري حينها على أنها إهانة ضمنية للأمير الذي طالب في خطاب أداء اليمين بتحسين أداء السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وأظهرت النتائج أيضاً فوز ثمانية نواب شيعة، كما حصدت “الحركة الدستورية الإسلامية” مقعداً واحداً وخسرت مقعدين، وفاز التيار السلفي بتسعة مقاعد، واحتفظت جنان بوشهري بمقعدها امرأة وحيدة في البرلمان.
وأُغلقت مراكز الاقتراع عند منتصف ليل الخميس – الجمعة، بعد 12 ساعة خصصت لعملية الانتخاب التي بلغت نسبة المشاركة فيها 62,10 بالمئة من الناخبين البالغ عددهم 835 ألف شخص، أكثر من نصفهم من النساء، بحسب وزارة الإعلام.
وأكد رئيس اللجنة الاستشارية لإعداد ومتابعة إجراءات سير انتخابات أعضاء مجلس الأمة الكويتي (أمة 2024) المستشار صالح الحمادي سلامة مجريات العملية الانتخابية وصونها من كل ما يمس نزاهتها، وقال، في تصريح صحافي، إن عملية انتخاب أعضاء مجلس الأمة 2024 جرت في وقت سابق من يوم أمس تحت إشراف قضائي كامل ومتابعة ميدانية من أعضاء اللجنة الاستشارية والمراقبة الفعالة من منظمات المجتمع المدني وجمعيات النزاهة والشفافية بما يكفل توفير الضمانات التي تحقق سلامتها.
وكان الناخبون في الكويت أدلوا بأصواتهم في رابع انتخابات برلمانية منذ ديسمبر 2020، وهي الأولى بعد تولي الشيخ مشعل الأحمد الصباح مقاليد الحكم كأمير للبلاد في نهاية العام الماضي، وتنافس 200 مرشح في الانتخابات، وهو أقل عدد منذ أكثر من خمسة عقود، بينما يبلغ عدد الناخبين نحو 835 ألفاً، وجرت الانتخابات وفقاً لنظام الصوت الواحد الذي يعني أن لكل ناخب الحق في منح صوته لمرشح واحد فقط، وتتم عملية الاقتراع في يوم واحد من 12 ظهراً إلى 12 ليلاً.
وتتكون الكويت من خمس دوائر انتخابية، لكل دائرة 10 نواب، حيث يفوز المرشحون الذين يحصلون على المراكز الـ 10 الأولى في كل دائرة بعضوية البرلمان.
ويرى محللون أن البرلمان الجديد لا يختلف كثيراً عن البرلمان السابق، إذ شهد أيضاً عودة كل من رئيسي مجلس الأمة السابقين مرزوق الغانم وأحمد السعدون.
وقال أستاذ التاريخ المساعد في جامعة “الكويت” بدر السيف إنه “لم يكن من المتوقع حدوث تغيير جذري في النتائج”، معتبراً أن “هذه واحدة من أدنى نسب التغيير”، ويشير التغيير الطفيف في البرلمان بعد التصويت الأخير إلى أن المأزق السياسي سيستمر، بحسب سيف الذي رأى أن “هناك مواجهة جديدة في طور الإعداد”.
وتظهر التوقعات أن الإصلاحات الاقتصادية ستكون في مقدمة الأولويات بعد تعطل كثير من القرارات في الدولة المنتجة للنفط بسبب الخلافات طويلة الأمد بين الحكومات المعينة والبرلمانات المنتخبة.
وانتقد أمير الكويت بقوة مجلس الأمة والحكومة في أول خطاب له أمام البرلمان بعد أدائه اليمين الدستورية في 20 ديسمبر الماضي لما قال إنه “إضرار بمصالح البلاد والعباد”.
ويبدو أن هذا النهج الذي يركز على الإصلاح مع قليل من التسامح مع الخلافات السياسية يهدف إلى دفع الدولة الخليجية الصغيرة العضو في “أوبك”، التي تأخرت في قطار التنمية عن جيرانها الإقليميين، إلى تحقيق إصلاحات طموحة لتخليص اقتصادها من الاعتماد على النفط.
وأعاقت التوترات، التي دامت عقوداً بين الحكومات المعينة والبرلمانات المنتخبة، الإصلاح المالي في الكويت، بما في ذلك تمرير قانون الدين الذي يسمح للكويت بالوصول إلى الأسواق الدولية والتخفيف من اعتمادها الكبير على عائدات النفط.
وتهدف الكويت إلى المضي قدماً في خطط للإصلاح الاقتصادي تتضمن تنويع الاقتصاد وجذب المستثمرين الأجانب وتشجيع القطاع الخاص.
وخلف الشيخ مشعل، البالغ من العمر 83 سنة، شقيقه الراحل الشيخ نواف الأحمد في ديسمبر 2023 وحل البرلمان في 15 فبراير الماضي، بعد أقل من شهرين من توليه السلطة.