يعاني السودان من دماء منتشرة في جميع البلاد إثر حرب بدأت في منتصف أبريل الماضي ما بين قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي وقوات الجيش السوداني بقيادة البرهان، وبات السودان عبارة عن مدن من الدماء نتيجة ارتكاب الجرائم في عدد كبير من المحافظات في ظل هروب العديد من المواطنين إلى دول الجوار.
ومن أهم المدن التي تعرضت للمجازر كانت مدينة “الجنينة”، حيث تحولت إلى حديقة الموت نتيجة لارتكاب المزيد من الجرائم والفظائع ونتيجة للحرب الدامية ما بين المتنازعين، وجاء في تقرير لجنة خبراء تابعة للأمم المتّحدة قدم إلى مجلس الأمن، أن المدينة باتت “كارثية”.
التقرير كشف أن ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص قتلوا منذ أبريل الماضي في تلك المدينة الواقعة بإقليم دارفور غرب السودان، متهمة قوات الدعم السريع وميليشيات عربية حليفة لها بارتكاب فظائع يمكن أن ترقى إلى “جرائم ضد الإنسانية”.
لجنة الخبراء المكلفة من مجلس الأمن الدولي أكدت في التقرير أن “ما بين 10 آلاف و15 ألف شخص قتلوا في الجنينة وحدها، بعد أن سقطت تلك المدينة وهي عاصمة ولاية غرب دارفور في يونيو الماضي 2023 بأيدي قوات الدعم السريع.
كذلك فقد دارت معارك العنف “العرقي” الذي دارت في الجنينة، مؤكداً أن “الهجمات تم تخطيطها وتنسيقها وتنفيذها من قِبَل قوات الدعم وميليشيات عربية متحالفة معها”.
التقرير الصادر كشف عن انتهاكات ارتكبت في تلك المدينة بشكل منهجي: جرائم تعذيب واغتصاب واعتقالات جماعية وتهجير قسري وأعمال نهب، وقالت اللجنة في تقريرها: إن بعض هذه الانتهاكات يمكن أن يشكل جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
وتشهد مدينة الجنينة منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل الماضي اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إضافة إلى مواجهات على خلفية قبلية، وأدت أعمال العنف والاقتتال في المدينة إلى مقتل المئات وجرح الآلاف، رغم غياب الأرقام والإحصائيات الدقيقة، وسط أوضاع إنسانية صعبة تشهدها الجنينة.
وفى العام الماضي، حذر رئيس بعثة الأمم المتحدة بالسودان السابق فولكر بيرتس من أن استمرار تدهور الوضع في دارفور وبشكل خاص في مدينة الجنينة، وذلك في أعقاب موجات العنف المختلفة منذ أواخر أبريل الماضي، والتي اتخذت أبعاداً عِرقية.
ويقول الباحث السياسي السوداني محمد إلياس: إن سيطرة قوات الدعم السريع على معظم أنحاء دارفور اعتمدت على ثلاثة خطوط دعم هي المجتمعات العربية المتحالفة والشبكات المالية النشطة والمعقدة وخطوط الإمداد العسكرية الجديدة التي تمر عبر تشاد وليبيا وجنوب السودان، وذلك مع اتساع الرقعة؛ مما زاد في حدة الحرب بشكل كبير.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ”ملفات عربية”: أن العام الماضي شهدت الجنينة أعمال العنف الموجهة على أساس عرقي والتي ارتكبت في غرب دارفور، وكان هناك المزيد من إراقة الدماء في الجنينة وعلى الطريق الذي يبلغ طوله 30 كيلومترا من المدينة إلى الحدود مع تشاد، بينما كان الناس يفرون.