تصاعدت أزمة اعتقال وزير المالية السابق فرج بومطاري بحكومة الوفاق السابقة وأحد المرشحين لمنصب محافظ المصرف المركزي، بصورة مثيرة للقلق، إذ نفذ أعيان ومشايخ قبيلة “آزية الليبية” تهديداتهم بإغلاق الحقول والموانئ النفطية، في حال عدم إطلاق سراح بومطاري.
واعتقل بومطاري وزير المالية بحكومة الوفاق السابقة وأحد المرشحين لمنصب محافظ المصرف المركزي قبل يومين في العاصمة طرابلس، دون الكشف عن أسباب احتجازه إن كانت سياسية أو لتورطه في ملفات فساد، ولا عن مصيره.
وطالبت قبيلة “آزوية” التي ينحدر منها بومطاري، بضرورة الإفراج الفوري عنه بدون قيد أو شرط، محمّلة مسؤولية سلامته إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة وجهاز الأمن الداخلي ومكتب النائب العام، كما منحت القبيلة حكومة الدبيبة مهلة لإطلاق سراحه، وهدّدت بإغلاق الحقول والموانئ النفطية وباتخاذ إجراءات تصعيدية في حال عدم الإفراج عنه، معتبرة أن اعتقاله هو تصفية حسابات بعد إعلان ترشحه لمنصب محافظ المصرف المركزي.
وفي تطور للأحداث قال زعيم قبلي في ليبيا لرويترز إن الإنتاج في حقول الفيل والشرارة و108 النفطية توقف يوم الخميس في إطار احتجاج على خطف وزير مالية سابق، وأكد مهندسو نفط وأحد المحتجين توقف الإنتاج.
وقال زعيم قبيلة الزوي إن توقف إنتاج النفط يأتي احتجاجا على اختطاف فرج بومطاري وزير المالية في الحكومة السابقة.
ونشر المحتجون بياناً مصوراً من الحقل 108 النفطي، قائلين وهم يغلقون أحد الصمامات إنهم يؤكدون استمرار الإغلاق النفطي، وقد يصعدون الوضع إلى أكثر من ذلك إذا لم يتم الإفراج عن ابنهم فرج بومطاري.
وقال مهندسان يعملان في حقل الشرارة لرويترز الخميس إن الحقل لم يدخله أي من المحتجين حتى الآن.
وقال السنوسي الحليق زعيم قبيلة الزوي، لرويترز عبر الهاتف، إن إغلاق حقل الفيل يهدف للضغط على السلطات في طرابلس للإفراج عن ابنهم فرج بومطاري وزير المالية في الحكومة السابقة احتجاجاً على “اختطافه بعد وصوله إلى مطار معيتيقة” الثلاثاء، وقال الحليق “الاستعدادات جارية أيضاً لمنع إمدادات المياه عن طرابلس”.
وقالت القبيلة في بيان مكتوب إن بومطاري مرشح لمنصب محافظ البنك المركزي، مضيفة أن ذلك يجعله عرضة للخطر و”الاختطاف”، وحمل خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة المسؤولية عن سلامة أعضاء المجلس، قائلاً في بيان مسجل إن “أي تهور من رئيس الحكومة ضد أي عضو من أعضاء مجلس الدولة يعني أننا انحدرنا وبشكل قوي وعاجل نحو صدام”.
ويعد حقل الشرارة أحد أكبر مناطق الإنتاج في ليبيا بطاقة 300 ألف برميل يومياً وهو هدف متكرر لعدة وقائع أسبابها سياسية ولمطالب متظاهرين محليين.
ويقع الحقل في حوض مرزق جنوب شرق ليبيا. وتديره شركة النفط الحكومية المؤسسة الوطنية للنفط عبر شركة أكاكوس مع شركة ريبسول الإسبانية وتوتال الفرنسية و” أو إم في” النمساوية وإكوينور النرويجية.
وتدير حقل الفيل، الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 70 ألف برميل يومياً، شركة مليته للنفط والغاز، وهي مشروع مشترك بين المؤسسة الوطنية للنفط الليبية وشركة إيني الإيطالية. ولم يصدر تعليق من المؤسسة حتى الآن.
وشددت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في بيان مساء الخميس، على أنه “يجب إنهاء الإغلاق على الفور”، مضيفة أنها منزعجة من أنباء عن إغلاق بعض الحقول النفطية رداً على خطف بومطاري، وأوضحت بهذا الشأن، “سيؤثر ذلك في مصدر الدخل الرئيس للشعب الليبي. يجب إنهاء الإغلاق على الفور، والكف عن استخدام النفط الليبي والموارد الطبيعية الأخرى كأداة للمساومة في أي شكل من أشكال الصراع الداخلي”.
ولم تصدر حتى الآن أي تأكيدات من طرف المؤسسة الوطنية للنفط (حكومية) بخصوص إغلاق حقول نفط من عدمه، وكشفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قيام جهات أمنية بعمليات خطف واعتقال تعسفي واختفاء قسري لشخصيات عامة في البلاد.
وأكدت أن هذه الأعمال “تزيد من التوترات بين المجتمعات المحلية والقبائل”، كما دعت السلطات الليبية والتشكيلات الأمنية إلى “الإفراج عن جميع المحتجزين تعسفياً، وضمان إجراء تحقيقات مستقلة في جميع عمليات الاحتجاز والاختطاف خارج نطاق القانون، وتقديم مرتكبيها إلى العدالة”.
وكانت تقارير إعلامية محلية أشارت إلى أن وزير المالية السابق فرج بومطاري تم اعتقاله من طرف جهاز الأمن الداخلي فور وصوله إلى مطار معيتيقة بطرابلس، فيما لم تصدر أي جهة أمنية أو حكومية تعليقاً رسمياً بخصوص الواقعة.
وفور انتشار نبأ اعتقال بومطاري، هددت قبيلة الزوي التي ينحدر منها الوزير السابق بإغلاق حقول نفطية في جنوب البلاد، إذا لم تسارع السلطات في طرابلس إلى إطلاق سراحه. وهو ما أعلنت تنفيذه بالفعل، ودانت بعثة الأمم المتحدة منع خمسة من أعضاء المجلس الأعلى للدولة من السفر في المطار نفسه، وفقاً للبيان.
وتشهد ليبيا باستمرار عمليات خطف أو احتجاز لمسؤولين سابقين أو نشطاء حقوقيين وإعلاميين دون معرفة الجهة التي تقف وراء ذلك أو إعلان الأسباب، الأمر الذي ندّدت به المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، واعتبرت أنه تعدٍّ على الحريات العامة للمدنيين.
ويشكل النفط وموارده ورقة ضغط ووسيلة احتجاج بأيدي الأطراف السياسية والجماعات القبلية، لتحقيق مطالبهم وتسوية صراعاتهم، وأدى ذلك إلى إغلاقات متكررة للحقول النفطية، تسبّب في خسائر مالية فادحة للدولة.
وشغل بومطاري منصب مساعد نائب وزير المالية والنفط الليبي بين مارس وأكتوبر 2011، ونائب مدير إدارة المراجعة في ”المصرف التجاري الوطني“ في ليبيا.