أضافت أستراليا فصلًا جديدًا في سجل المواجهة مع إيران بعد أن أعلنت وضع الحرس الثوري الإيراني على قوائم الإرهاب، في خطوة تعد من أكثر الإجراءات صرامة منذ سنوات.
القرار جاء تتويجًا لتقييمات أمنية داخلية رأت أن نشاط الحرس الثوري تجاوز حدود الشرق الأوسط، ليصل إلى الأراضي الأسترالية نفسها ويهدد الجاليات اليهودية هناك، وفق ما كشفته السلطات.
الخطوة التي اتخذتها “كانبرا” تعكس تحولًا واضحًا في مقاربة الملف الإيراني، إذ لم يسبق لأستراليا أن أقدمت على قرار بحجم طرد سفير دولة كبرى منذ الحرب العالمية الثانية، وتؤشر الخطوة إلى أن الأمور بين البلدين دخلت مرحلة جفاء دبلوماسي يصعب احتواؤه سريعًا.
أسباب القرار ومخاوف الأمن الداخلي
التحقيقات الأمنية التي جرت خلال الأشهر الماضية شكّلت الأساس الرئيسي للقرار، فقد أظهر تحليل أجهزة المخابرات وجود ارتباط بين عناصر مرتبطة بطهران والهجومين اللذين استهدفا مؤسسات يهودية في سيدني وملبورن، عبر عمليات حرق متعمد أشعلت موجة قلق واسعة داخل المجتمع الأسترالي.
وتعاملت السلطات مع الحادثين باعتبارهما مؤشرًا خطيرًا على اختراق أمني خارجي، خصوصًا بعد تراكم تقارير تحدثت عن محاولات إيرانية لاستهداف معارضين وناشطين أو بث رسائل ترهيب سياسي على الأراضي الأسترالية.
وفي ظل هذا المناخ، اعتُبر إدراج الحرس الثوري خطوة وقائية ضرورية لحماية الأمن الداخلي وإغلاق أي ثغرات قد تستغلها شبكات خارجية.
انعكاسات دبلوماسية على العلاقات الأسترالية الإيرانية
القرار الأسترالي من المتوقع أن يترك بصمات واضحة على العلاقات الثنائية، خصوصًا أن طهران اعتادت الرد بقوة على أي إجراءات تمس مؤسساتها العسكرية.
ومع طرد السفير الإيراني سابقًا، يبدو أن مستوى التوتر بين البلدين قد بلغ عتبة يصعب العودة عنها في الوقت القريب.
ويتوقع مراقبون، أن يشمل التصعيد تبادلًا للاتهامات وتضييقًا إضافيًا على الأنشطة الدبلوماسية والتجارية، وربما تقليصًا للتمثيل الدبلوماسي أو تجميدًا لبعض الاتفاقيات التي كانت قيد النقاش، كما تبرز مخاوف من أن ترد إيران بإجراءات مماثلة تستهدف المصالح الأسترالية أو بقيود على مواطنيها داخل إيران.
تأثيرات القرار على المشهد الدولي
وإدراج الحرس الثوري على لوائح الإرهاب ليس أمرًا جديدًا في الساحة الدولية، إذ سبقت الولايات المتحدة وكندا ودول أخرى إلى الخطوة ذاتها.
لكن انضمام أستراليا يضيف ثقلًا إضافيًا للضغوط الغربية على إيران، خاصة في ظرف تشهد فيه طهران عزلة متزايدة بسبب برامجها العسكرية ونشاطاتها الإقليمية.
كما يعزز القرار التنسيق الأمني بين أستراليا وحلفائها، خصوصًا ضمن منظومة التعاون الاستخباراتي في المحيطين الهندي والهادئ، حيث تتنامى المخاوف من دور إيراني متصاعد في دعم جماعات مسلحة خارج حدودها وتوسيع حضورها السيبراني.

