ارتفعت حصيلة الغارات الإسرائيلية التي استهدفت العاصمة اليمنية صنعاء ومناطق أخرى في شمال البلاد إلى 46 قتيلاً و165 جريحًا، وفق ما أعلنته الجهات الصحية الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي.
ورغم مرور أيام على الضربات، ما تزال فرق الإنقاذ تواصل البحث تحت أنقاض المباني التي دمرها القصف، وسط مخاوف من ارتفاع عدد الضحايا.
بنك أهداف ممتد
الغارات التي نفذت هذا الأسبوع لم تقتصر على صنعاء وحدها، بل طالت مواقع عسكرية ومباني حكومية في محافظات عدة، أبرزها الجوف.
وأكدت مصادر ميدانية، أن القصف شمل مقر التوجيه المعنوي في حي التحرير وسط العاصمة، ومبنى الأحوال المدنية في الحزم، إضافة إلى المصرف المركزي ومؤسسات رسمية أخرى، هذه الضربات جاءت بعد عملية مماثلة في أغسطس الماضي أودت بحياة رئيس حكومة الحوثيين أحمد غالب الرهوي وعدد من قادة الصف الأول في الجماعة.
رد بالصواريخ الباليستية
في المقابل، أعلنت مليشيات الحوثي تنفيذ هجوم جديد على إسرائيل باستخدام صاروخ باليستي “فرط صوتي” من طراز فلسطين–2، مؤكدة أن الصاروخ انشطر إلى عدة رؤوس استهدفت مواقع حساسة في تل أبيب ومحيط يافا.
وعلى الرغم من غياب تأكيد مستقل لمدى دقة هذه الضربة، فإنها تعكس إصرار الحوثيين على مواصلة التصعيد العسكري ضد إسرائيل، باعتبار ذلك جزءًا من استراتيجيتهم المرتبطة بالحرب في غزة.
استثمار سياسي داخلي
قادة المليشيات حاولوا استثمار الغارات الأخيرة في تعزيز خطابهم الدعائي أمام جمهورهم، ففي تجمع شعبي كبير بصنعاء، توعّد رئيس الحكومة الحوثية الجديد محمد أحمد مفتاح بمواصلة الحرب ضد إسرائيل، مستندًا إلى إرث سلفه الذي قضى في غارة إسرائيلية الشهر الماضي.
الخطاب يندرج ضمن مساعي الجماعة لإبراز نفسها كقوة “مقاومة”، على الرغم من أن الثمن يدفعه المدنيون الذين يسقطون ضحايا الغارات الإسرائيلية.
حلقة في سلسلة التصعيد الإقليمي
منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر 2023، صعّدت مليشيات الحوثي من هجماتها ضد إسرائيل عبر صواريخ بالستية وطائرات مسيرة، في وقت ردّت تل أبيب بضربات جوية استهدفت البنى التحتية ومراكز القيادة التابعة للجماعة داخل اليمن، وهذا التبادل العسكري أدى إلى مقتل مئات الأشخاص، وفتح جبهة جديدة في صراع إقليمي آخذ في الاتساع.
اليمن بين معاناة الداخل وصراع الخارج
تثير الغارات الإسرائيلية والتصعيد الحوثي تساؤلات حول مستقبل اليمن الغارق أصلاً في حرب داخلية منذ سنوات، فبينما تعلن المليشيات أن معركتها مع إسرائيل “نصرة لفلسطين”، يرى مراقبون أن استمرارها في إطلاق الصواريخ يجلب على اليمنيين أثمانًا باهظة من القصف والتدمير، ويضاعف المأساة الإنسانية التي يعيشها البلد.
مع استمرار تل أبيب في استهداف مواقع حوثية محورية، وإصرار الجماعة على الرد عبر هجمات عابرة للحدود، يبدو أن اليمن أصبح جزءًا ثابتًا من معادلة الصراع الأوسع في المنطقة.