أعاد الإعلان الرسمي عن هوية جثمان العامل التايلاندي سودثيساك رينثلاك فتح ملف الرهائن من زاوية مختلفة، بعدما استطاعت السلطات الإسرائيلية، بالتعاون مع الصليب الأحمر، نقل رفاته من شمال قطاع غزة إلى داخل إسرائيل.
الخطوة مثلت نهاية رحلة استمرت أكثر من عام لعائلة العامل الذي فقد خلال أحداث السابع من أكتوبر، لكنها في الوقت نفسه أعادت إحياء سؤال أكبر حول مصير من تبقى داخل غزة، خصوصًا بعد تقلص عدد المفقودين المسجلين إلى حالة واحدة فقط.
رهينة واحد.. وقضية مفتوحة
مع إغلاق ملف رينثلاك، لم يبقَ على قائمة الرهائن القتلى الذين لم تستعد جثامينهم سوى اسم واحد، الرقيب أول ران غويلي، وتتعامل المؤسسات الأمنية الإسرائيلية مع حالته كأولوية قصوى في ظل تأكيدها أنه قتل خلال العمليات العسكرية داخل القطاع، وأن حركة حماس ما تزال تحتفظ بجثمانه حتى اللحظة.
هذا الوضع يعكس تعقيدات تفاهمات ما بعد الهدنة، إذ تربط تل أبيب استعادة الجثمان بتنفيذ الحركة لبنود محددة سبق للوسطاء الإقليميين والدوليين طرحها، فيما تصر إسرائيل على أن ملف غويلي “غير قابل للتجميد” وسيظل شرطاً أساسياً في أي مسار تفاوضي مقبل.
جهود دبلوماسية وضغوط متبادلة
خلال الأسابيع الماضية، كثّفت الحكومة الإسرائيلية اتصالاتها مع الوسطاء، محاولة إدراج ملف الجثمان ضمن أولويات المحادثات الجارية بشأن ترتيبات ما بعد الحرب في غزة.
ورغم أن الجهات الرسمية تتجنب الإعلان عن تفاصيل التحركات الحالية، فإن المؤشرات تفيد بأن تل أبيب تسعى لربط أي تقدم إنساني أو اقتصادي في القطاع بإحراز تقدم في قضية غويلي.
في المقابل، تلتزم حركة حماس الصمت بشأن مصير الجثمان، مكتفية بإشارات عامة تفيد بأن “الملف جزء من تفاوض أشمل” يتصل بعمليات تبادل محتملة تشمل الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية.
تأثيرات داخلية على الحكومة الإسرائيلية
ويمثل الملف ضغطًا متزايدًا على الحكومة في ظل تعالي أصوات عائلات المفقودين والرهائن الذين يطالبون بخطوات أكثر سرعة.
رغم أن الإعلان عن استعادة رفات رينثلاك منح المؤسسة العسكرية نقطة إيجابية، إلا أن استمرار احتجاز جثمان غويلي يعد عبئًا سياسيًا، خصوصًا مع تصاعد الانتقادات بشأن إدارة ملف الرهائن منذ اندلاع الحرب.
كما أن التوترات داخل الائتلاف الوزاري تزداد مع الخلاف حول مدى تنازلات ينبغي تقديمها لإنجاز أي صفقة، وهو ما يجعل هذا الملف جزءًا من حالة الضغط السياسي الداخلي التي لا يبدو أنها ستتراجع قريباً.
مستقبل الغموض حول ملف الرهينة الأخير
ولا يبدو أن الطريق نحو استعادة جثمان الرقيب أول ران غويلي سيكون سهلاً، في ظل تعقيدات المشهدين الميداني والسياسي. فالحرب التي ما زالت تتجدد في مناطق من القطاع، والجمود في المفاوضات الإقليمية، يجعلان من الصعب توقع انفراجة قريبة.
ومع بقاء هذا الملف مفتوحًا، تتعامل الحكومة الإسرائيلية مع قضية غويلي باعتبارها آخر رمزية في ملف الرهائن، وورقة حساسة تتداخل فيها السياسة بالإنسانية.

