مع تصاعد الأحداث في مدينة الفاشر بالسودان، برزت جماعة الإخوان الإرهابية من جديد كلاعبٍ يحاول توظيف الأزمات لصالح أجندتها السياسية، عبر حملات تضليل إعلامي ممنهجة تستهدف خلط الحقائق وإرباك الرأي العام المحلي والدولي.
وقالت مصادر إن الإخوان الإرهابية التي فقدت نفوذها السياسي منذ سقوط نظام عمر البشير عام 2019، تسعى إلى استعادة حضورها في المشهد من خلال التلاعب بالسرديات وتوجيه الخطاب العام ضد خصومها، خصوصاً قوات الدعم السريع.
الدعاية المضللة للإخوان
وأوضحت المصادر أنه منذ سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، عاصمة إقليم شمال دارفور، انخرطت منصات تابعة لجماعة الإخوان ونشطاء محسوبون عليها في بثّ مقاطع وصور تتحدث عن انتهاكات مزعومة ارتكبتها قوات الدعم السريع.
لكنّ التحقيقات التي أجراها مرصد “بيم” السوداني، وهو منصة مستقلة تُعنى بكشف التضليل الإعلامي، كشفت أن العديد من تلك المواد مصنوعة باستخدام الذكاء الاصطناعي، أو مجتزأة من سياقات مختلفة تماماً.
وبحسب “بيم”، فإن بعض الصور التي روّجت لها حسابات مرتبطة بالإخوان كانت مأخوذة من مقاطع فيديو مولّدة بالكامل بالذكاء الاصطناعي، تُظهر مشاهد عنف لا علاقة لها بالأحداث الحقيقية.
المعلومات الزائفة
كما حذر مرصد “بيم” من أن استخدام الصور والفيديوهات المولّدة بالذكاء الاصطناعي لا يهدف فقط إلى تضليل الرأي العام، بل يخدم أجندة أعمق تتمثل في تشويه صورة قوات الدعم السريع أمام المجتمع الدولي وخلق رأي شعبي مضاد لأي جهود للتسوية السياسية، ومنح مبرر للجيش السوداني، الخاضع لتأثيرات إخوانية، للاستمرار في الحرب بحجة “الدفاع عن المدنيين”.
وتؤكد المصادر أن هذا النمط من التضليل أصبح من أبرز أدوات الجماعات الأيديولوجية، إذ يجمع بين البروباغندا التقليدية والتكنولوجيا الحديثة لإنتاج واقع موازٍ يصعب على المتلقي التحقق منه.
عرقلة السلام
ولعبت جماعة الإخوان الإرهابية دوراً محورياً في تأجيج الصراع منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، فبدلاً من الدفع نحو المصالحة، تبنت الجماعة خطاباً يقوم على شيطنة الطرف الآخر وتحريض الجيش على مواصلة القتال.
وأشارت المصادر إلى أن القيادات العسكرية الموالية للإخوان داخل الجيش عطّلت أكثر من مرة المبادرات الإقليمية والدولية، من بينها مبادرة “منبر جدة” ومقترحات الاتحاد الإفريقي.
الهدف، بحسب المصادر، هو إطالة أمد الحرب لإعادة ترتيب المشهد السياسي بما يسمح للجماعة بالعودة إلى السلطة من بوابة “الإنقاذ الوطني” أو “استعادة الشرعية”، وهي الشعارات التي لطالما استخدمتها في تجارب سابقة بمصر وتونس واليمن.
نفوذ الإخوان في قرارات الجيش
وتؤكد تقارير سياسية أن جماعة الإخوان الإرهابية ما زالت تمتلك تأثيراً واسعاً داخل هياكل الجيش السوداني، سواء عبر الضباط القدامى الذين تربطهم بالجماعة مصالح مشتركة، أو من خلال واجهات مدنية تعمل على توجيه الخطاب الرسمي للجيش بما يتناسب مع مصالحها. وهذا النفوذ كان أحد الأسباب الرئيسة وراء فشل محاولات التهدئة، إذ تعمل الجماعة على إفشال أي مسار سياسي قد يُنهي الحرب دون أن يضمن لها موطئ قدم في المرحلة المقبلة.
كيف يختطف الإخوان الوعي العام؟
وترى المصادر أن أخطر ما تقوم به جماعة الإخوان الإرهابية اليوم ليس فقط التحريض أو التضليل، بل اختطاف الوعي العام عبر خلق حالة من الفوضى المعلوماتية تجعل المواطن السوداني عاجزاً عن التمييز بين الحقيقة والافتراء.

