رغم سيادة لبنان على أراضيها، إلا أن إيران باتت تعتبر نفسها الحاكم الفعلي للبلاد، في ظل تبعية حزب الله لها، وتمكينه لطهران في كل مؤسسات الدولة التابعة له، لتقود بيروت إلى الهاوية بكل السبل لأجل تفتيتها وتنفيذ أجندتها الإرهابية، وهو ما أدى إلى إعلان لبنان لإفلاسها، ببداية الشهر الجاري.
تعددت مظاهر سيطرة إيران على حزب الله بلبنان، ليكون أحد تلك الأشكال الأكثر استفزازا للمواطنين والعرب، هو انتشار صور قادة طهران في شوارع بيروت وضواحيها، وخاصة لروح الله الخميني المرشد الأعلى لإيران، وقاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، إذ يمكن تتبع سياسة تصدير فشل طهران على المستوى السياسي والاقتصادي تحت نفوذ نظام الملالي.
تنتشر صور خامنئي على الجدران المتهالكة في الجنوب اللبناني، وفي شوارع البلاد، بجوار صور حسين نصر الله، زعيم حزب الله التابع له، فضلا عن صور وتماثيل سليماني التي أثارت موجة غضب واسعة بالبلاد.
وقبل 3 أشهر، خرج حسن نصرالله، الأمين العامّ لحزب الله الإرهابي اللبناني في مقابلة تلفزيونية تناول فيها موضوع التدخل بالشؤون الداخلية في لبنان، وخلفه صورة للمرشد الأعلى السابق بإيران، الخميني وخليفته علي خامنئي، وهو ما استنكره بشدة نشطاء التناقض الصريح بين ما قاله نصر الله في لقائه المتلفز، ونفيه أنهم يخدمون مصالح إيران، وبين ظهور صورة الخميني وخامنئي خلفه.
والعام الماضي، تزامنا مع ذكرى مقتل سليماني، نشر حزب الله صورًا ولافتات عملاقة وتم تشييد نُصب للقائد الإيراني الراحل في مناطق لبنانية خاضعة لسيطرته، ما أثار موجة غضب لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين، الذي أبدوا سخطهم لذلك الحدث، واعتبروا أن هذه الخطوة بمثابة رسالة مفادها أن إيران تحكم قبضتها على لبنان.
كما جاهر حزب الله بولائه للنظام الإيراني، حيث ارتفعت صور قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وقيادات إيرانية في الضاحية الجنوبية وعلى طول طريق المطار وفي الجنوب وصولاً إلى سياج الخط الأزرق ومنطقة الحمامص مقابل مستوطنة المطلة، وهو ما اعتبره اللبنانيون وقتها أن بلادهم بمثابة دولة تابعة لطهران أو سليماني.
لم يقتصر الأمر على ذلك الحد، وإنما تم تسمية بعض شوارع لبنان بأسماء قادة إيران أيضا، مثل أسماء أحياء وشوارع أطلقها حزب الله منذ تلك المرحلة، كـ “الشورى”، “القائم”، “سيد الشهداء”، “الكاظم” “المجمع الجديد، والقديم” وغيرها، اكتسبت أسماءها من مقرات ومجمعات أنشأها حزب الله في تلك الشوارع التي ما لبثت أن تسمت باسمها ولا تزال حتى اليوم، رغم انتفاء أسباب التسمية كما هو حال “الشورى” وهي المنطقة التي ضمت في المرحلة السابقة لحرب تموز مقر مجلس شورى حزب الله، وتم إطلاق بلدية الغبيري اسم قاسم سليماني على أحد شوارعها الرئيسية.
وداخل مناطق سيطرة حزب الله يملك شبكة ضخمة مؤلفة من مؤسسات تعليمية تعنى بتربية الأطفال والمراهقين حتى سن الجامعة، وأسلوبا للسيطرة الفكرية على الطلاب عبر الترويج للثقافة الإيرانية في المناهج التعليمية التي تختلف عن مناهج الدولة اللبنانية، ونشر العقيدة الحرس الثوري الإيراني في لبنان، بالإضافة إلى اعتماده اللغة الفارسية كلغة ثانية، ويستبدل النشيد الوطني اللبناني بدعاء “الحجة”، المتصل بالمذهب الشيعي.
وقبل أسابيع، أعلن سعادة الشامي نائب رئيس الحكومة اللبنانية “إفلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي”، وقال: إنه سيجري توزيع الخسائر على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، ولا توجد نسبة مئوية محددة، للأسف الدولة مفلسة وكذلك مصرف لبنان، ونريد أن نخرج بنتيجة، والخسارة وقعت بسبب سياسات لعقود، ولو لم نفعل شيئا ستكون الخسارة أكبر بكثير”.
وحمل اللبنانيون إيران وقطر مسؤولية تدهور الأوضاع إلى ذلك الحد، إذ أبدوا إحباطهم البالغ عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تداولت مقاطع فيديو وصورا توضح حجم الضرر الذي يعاني منه لبنان، ووجهوا أصابع الاتهام لقطر وإيران، مشيرين إلى أن تدخلها في شؤون بلادهم أدى إلى خرابها، وكتب أحد النشطاء: “ما دخلت إيران وقطر في دولة إلا وأفلستها أو أطاحت بها.. سلام على لبنان التي كانت ذات يوم عروس الشرق الأوسط”، واعتبر ناشط آخر ما يحدث في لبنان “نتائج المشروع الإيراني المدمر لكل مقدرات الشعوب التي تصاب به”.