من الواضح أن قطر باتت تدرك فشلها الكامل بقدرتها على نقل الغاز لأوروبا، رغم محاولاتها السابقة العديدة للدخول إلى القارة العجوز وإشعال الأزمة الروسية الأوكرانية، وهو ما اعترفت به بطريقة ضمنية للمرة الثانية.
وجاء الاعتراف القطري بالفشل على لسان وزير الدولة لشؤون الطاقة، سعد بن شريدة الكعبي، قبل ساعات؛ إذ جدد التأكيد على أن بلاده لا يمكنها المساعدة على الفور في توفير الغاز لروسيا، مؤكدا أنه لا يمكن لأحد أن يحل محل روسيا لتعويض إمداداتها من الغاز، رغم الدعم القطري لأوكرانيا بالحرب.
وأكد الكعبي، وهو أيضا العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة (قطر للطاقة) الحكومية، في جلسة حوارية خلال منتدى الدوحة، أن “دولة قطر لا تستطيع المساعدة على الفور ولا يمكن لأي كان أن يحل محل الإمدادات الروسية”.
وأشار إلى أن الإمدادات الآتية من روسيا إلى أوروبا تتراوح بين 30 إلى 40 بالمائة، كما أن مشاريع الغاز تحتاج سنوات طويلة حتى تدخل حيز الإنتاج.
كما حاول اكتساب بعض الوقت من خلال تصريحه بأنه لا يمكن لأحد أن يحل محل روسيا على الفور، مشيرا إلى أن أوروبا تحتاج إلى نحو سبع أو ثماني سنوات لتأمين احتياجاتها من الطاقة بعيدا عن المصادر الروسية، ومع أن قطر تعمل على ضخ المزيد من الإمدادات في القارة الأوروبية، لكن هذه الكميات تبقى صغيرة مقارنة بما تحتاجه أوروبا.
وأفاد بأن بلاده تعمل على زيادة كميات الغاز إلى أوروبا سواء من خلال زيادة قدرة المحطات أو شحن كميات إضافية، لكن هناك اختلاف في آليات التعامل مع الإمدادات الموجهة للقارة الأوروبية وتلك الموجهة لآسيا، حيث إن الدوحة مرتبطة حاليا بعقود طويلة الأجل مع كثير من الدولة وتذهب 85 بالمائة من صادراتها من الغاز إلى آسيا.
ورأى أنه من غير المتوقع أن تغير الأزمة الأوكرانية بشكل أساسي في طرق سداد تكلفة النفط والغاز على المدى الطويل.
وكان الكعبي قد صرح في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأميركية نقلتها وسائل إعلام محلية يوم الجمعة بأن قطر ستواصل إمداد أوروبا بالغاز الطبيعي حتى لو عرض مشترون آخرون دفع سعر أعلى.
ورغم مزاعمه بحيادية بلاده في الأزمة الروسية الأوكرانية، إلا أنه عبر عن رفض فرض عقوبات على قطاع النفط والغاز الروسي، مضيفا أن “الطاقة يجب أن تبقى بعيدة عن السياسة لأنها تعيق التنمية ويمكن أن تؤثر على الأسعار بالطريقة التي حصلت وتحدث الكثير من التقلبات”.
وسبق أن أبلغ المسؤول القطري مفوضة الطاقة في الاتحاد الأوروبي كادري سيمسون في فبراير الماضي بأنه لا يمكن تلبية جميع احتياجات الاتحاد الأوروبي من الغاز دون الإخلال بالإمدادات إلى مناطق أخرى حول العالم.
وسبق أن توقع الخبراء مساعي قطر للاستفادة من مخاوف نقص إمدادات الغاز في أوروبا، وفقا لوكالة “فرانس برس”، مضيفة أن الإمارة ستقدم بعض المساعدة بينما تسعى للحصول على موطىء قدم أكبر في أوروبا وتسجيل نقاط دبلوماسية ثمينة لتصبح الحليف الرئيسي لواشنطن في الخليج.
وتوقع الخبراء الدوليون عدم قدرتها على تنفيذ ذلك، لارتباطها بعقود طويلة الأمد مع زبائن كبار في كوريا الجنوبية واليابان والصين، فإنه ليس بإمكانها القيام بالكثير لاستبدال إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا الغربية.
خاصة أن وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة سعد بن شريدة الكعبي، كان قد أكد في أكتوبر الماضي أن بلاده بلغت “الحد الأقصى” فيما يتعلق بإمدادات الغاز، عندما بدأ نقص الغاز في أوروبا، مشددا على أن بلاده لا تستطيع مساعدة أوروبا بمفردها إذا أوقفت روسيا إمدادات الغاز مع تصاعد التوترات بشأن أوكرانيا.
وأكد بيل فارين- برايس، المدير في شركة الأبحاث “إنفيروس”، أن “قطر لا تملك عصا سحرية لحل النقص في الغاز الأوروبي”، مضيفا أن الدوحة “لا تملك أي طاقة فائضة لتوريد غاز مسال طبيعي إضافي، إنها ليست مثل السعودية التي تحتفظ بقدرة فائضة من النفط”.