تعتبر الأوضاع الحقوقية في تركيا من بين الأسوأ في العالم، إذ يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القضاء على أتباع عدوه الأول فتح الله جولن بكل السبل، وإغلاق مراكز الخدمة، حتى إن وصل الأمر إلى الخطف والقتل والاعتقال، بالإضافة لمنع حرية الرأي والتعبير وتقييد المرأة ونشر العنف.
وسلطت منظمة “هيوومن رايتس ووتش”، في التقرير العالمي لعام 2022، بأوضاع حقوق الإنسان في تركيا، حيث تتسع رقعة انتهاكات الحقوق فيها واستمرار الحكومة بالضغط على جماعات المعارضة على نطاق واسع.
قال هيو ويليامسون، مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى في “هيومن رايتس ووتش”: “الرئيس رجب طيب أردوغان وضع تركيا خارج الإطار الذي يوفره القانون الدولي لحقوق الإنسان”، مضيفًا “إن قرار الانسحاب من اتفاقية إسطنبول يمثل انتكاسة كبيرة في الجهود المبذولة لمكافحة حقوق المرأة والعنف الأسري، كما أن اختيار معاقبة عثمان كافالا بدلاً من إنهاء احتجازه التعسفي وغير القانوني والإفراج عنه وفقا لما طلبه مجلس أوروبا، هو مؤشر واضح على عصيان المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”.
ونددت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بوقائع اختطاف المعلمين الأتراك العاملين في مدارس حركة الخدمة بالخارج على يد جهاز الاستخبارات التركي، إذ سلطت الضوء عليه في تقريرها السنوي حول انتهاكات حقوق الإنسان، مؤكدة تقاعس السلطات في التحقيق في وقائع الاختطاف والاختفاء القسري، إذ تم اختطاف ما يقرب من 30 شخصًا من قبل المخابرات التركية منذ عام 2016 واستهدفت معظم عمليات الاختطاف أعضاء في حركة الخدمة لجولن.
وأكدت المنظمة الحقوقية الدولية أن استقلالية القضاء التركي تعرضت لضربات عنيفة، ولم تعد تتمتع بالنزاهة، بسبب أن السلطة الحاكمة تستهدف المعارضين السياسيين.
ونشرت المنظمة، في تقريرها السنوي، أسماء الأتراك المقيمين في الخارج الذين اختطفهم جهاز الاستخبارات التركي والصادر بحقهم مراسيم طوارئ بتهمة الانتماء إلى حركة الخدمة.
كما أشارت إلى وقائع اختطاف جهاز المخابرات التركي، كلًا من المدرس صلاح الدين كولن والمدرس أورهان إناندي، ومقرر رئاسة الوزراء السابق الصادر بحقه مرسوم طوارئ، غالب كوتشوك أوزييت، بالإضافة إلى المدرسين أحمد إيشيك وأيوب بيرينجي الذين أصدرت المحكمة الدستورية قرارات تفيد بتعرضهما للتعذيب ولا يزالان قيد الاعتقال.
وكشف أيضا التقرير أنه تم اعتقال النائب الكردي عمرو فاروق جرجرلي أوغلو، فضلا عن مقتل الكرديين عثمان شيبان وثروت تورجوت بعد إلقائهما من مروحية، وامتناع المحاكم التركية عن تنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الخاصة بعثمان كافالا وصلاح الدين دميرتاش.
وأبدت المنظمة الدولية تحفظها بشأن الانسحاب من اتفاقية إسطنبول لمناهضة العنف ضد المرأة، في عام 2021، إذ كانت تركيا أول دولة تنسحب من اتفاقية مجلس أوروبا بشأن منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي، المعروفة أيضًا باسم اتفاقية إسطنبول.
وأكدت أنّه “تسود بيئة مقيدة في تركيا لوسائل الإعلام والمدافعين عن حقوق الإنسان ومجتمع المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية والنشطاء السياسيين الأكراد وغيرهم ممن تعتبرهم الحكومة منشقين”، مشيرة إلى حجب السلطات العديد من المواقع الإلكترونية وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي ومواصلة حبس 58 صحفيا في إطار مكافحة الإرهاب.
ولفتت المنظمة إلى أنه ما زال السياسيون السابقون البارزون من حزب الشعوب الديمقراطي المعارض في البرلمان مسجونين منذ خمس سنوات، وهناك قضية إغلاق ضد الحزب بأكمله أمام المحكمة الدستورية.
وشددت على أنه تقع السيطرة السياسية على المحاكم في قلب التآكل العميق لسيادة القانون في تركيا، ولا تزال ثقافة الإفلات من العقاب سائدة في حالات انتهاك الحقوق والاختفاء القسري التي ترتكبها جهات إنفاذ القانون.
وذكر التقرير أيضا أنه في العام الماضي ارتفع خطاب الكراهية والجرائم ضد المهاجرين بشكل كبير في تركيا، فهناك مؤشرات تؤكد على زيادة الهجمات العنصرية المعادية للأجانب.