بعد أشهر من الخلافات الطاحنة بين قيادات الإخوان، وتبادل الاتهامات وتهديدات بالقتل، يبدو أن جبهة واحدة هي من حسمت الصراع لصالحها، بقيادة قطر وتركيا، ليتمكنا من تحقيق أغراضهما عبر التنظيم الدولي.
خلال الفترة الماضية شهدت صفوف التنظيم أزمات طاحنة بصورة لا مثيل لها، ما ينذر بقرب انهيار التنظيم الدولي تماما، حيث تبادلت القيادات قرارات بالفصل، حينما أعلن إبراهيم منير، نائب المرشد العام للإخوان والقائم بأعماله، فصل قيادات عليا بالجماعة سبق أن أعلن إحالتها للتحقيق وآخرين لم يسمهم، زاعما أنهم “أقدموا على قرارات لشق الصف وإحداث بلبلة”، ليتقلى منهم لاحقا تهديدات بالقتل.
وبعد ذلك الانشقاق البالغ في صفوف الجماعة، حسمت جبهة الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين بدعم عدد من قادة الجماعة، منهم محمد البحيري، الذي يلقب بـ”الرجل الغامض” و”كاتم الأسرار” و”رجل الظل”، كونه يتولى مهمة إدارة بعض الملفات المالية والاستثمارات التي تخضع للتنظيم الدولي، ويمتلك سيطرة وتأثير كبير بين الإخوان.
ويعتبر محمد البحيري، هو أحد قيادات الجيل الأول للجماعة، وأحد المتورطين بمحاولة اغتيال الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، وعدد من العمليات الإرهابية، وتولى الإشراف على تنظيم الإخوان باليمن والصومال والسودان، ونقل الإهابيين إلى تركيا وإفريقيا.
كما أن عضو مكتب الإرشاد ارتبط بعلاقة قوية مع محمود حسين بعد هروبهم إلى تركيا، عقب ثورة 30 يونيو 2013 في مصر، وأطلقا سويا تحالفا بتشكيل لجنة لإدارة أزمة الإخوان عُرفت باسم “مكتب إسطنبول”، بدعم من تركيا وقطر.
ومع تولي إبراهيم منير لمنصب القائم بأعمال المرشد العام للإخوان عقب القبض على محمود عزت، يقود البحيري حملة ضده بين صفوف الجماعة، بعيدا عن الأنظار، لذلك في عام 2019 سرب القيادي الإخواني، المحسوب على جبهة منير، أمير بسام محادثة صوتية يتهمه فيها باختلاس أموال الجماعة وتسجيل عمارة سكنية باسمه وباسم محمود حسين أمين عام الجماعة، ومحمود الإبياري القيادي فيها.
ومع تنامي قوة الطرفين، قرر منير الأسبوع الماضي فصل مجموعة وتحويلها للتحقيق، منهم البحيري والأمين العام السابق للجماعة وعضو مكتب الإرشاد محمود حسين، ومسؤول رابطة الإخوان المصريين بالخارج محمد عبدالوهاب، وعضو مجلس الشورى العام ومسؤول مكتب تركيا السابق همام علي يوسف، وعضو مجلس الشورى العام مدحت الحداد، وعضو مجلس الشورى العام ممدوح مبروك، وعضو مجلس الشورى العام رجب البنا.
ولذلك تفاقمت الخلافات بين الجبهتين المتناحرتين، ليتلقى منير تهديدات بالقتل منذ أيام ويتوارى تماما عن الأنظار، ويظهر بقوة جبهة حسين والبحيري التي باتت تسيطر على الأوضاع بصفوف الإخوان.
وكشفت مصادر أن الصراع بين قيادات التنظيم وصلت لصورة غير مسبوقة منذ سبتمبر الماضي، بسبب انتخابات داخلية شهدها التنظيم، ولم تعترف بها تلك القيادات الموقوفة التي تعتبر وجود “مخالفات” تبطلها.
وتابعت المصادر: إن منير ولجنة الانتخابات، زعموا صحة وسلامة موقفها وشرعية نتائج الانتخابات، التي نتج عنها خسارة شخصيات محسوبة على المجموعة الموقوفة، بينما طالبت أطراف أخرى بعدم تسليم بعض تلك القيادات الموقوفة ملفات بحوزتها لإدارة شؤون الجماعة، حيث تدعي القيادات المتنازعة بأنهم يحافظون على التنظيم ومحاولة إنقاذه.
وأوضحت المصادر أن أسباب الصراع الطاحن بين قيادات التنظيم، يرجع لأسباب مالية وإعلامية، حيث أوقفت الدول الحاضنة لهم دعمهم وتحديد أنشطتهم، ومنهم تركيا، التي أصدرت قرارات حاسمة بشأن النشاط الإعلامي، في ظل مساعيها لإعادة العلاقات مع مصر والإمارات.
وأشارت إلى أن الصراع الداخلي بين الإخوان يهدف إلى الاستيلاء على المقدرات المالية للجماعة، حيث تحاول القيادات المتنازعة للحصول على أكبر نسبة من الدعم الضئيل الذي يصل لهم، بعد انهيار أذرع الجماعة في الدول العربية، منها المغرب وتونس ومصر والسودان.