في ضربة قوية جديدة للإخوان من الرئيس التونسي قيس سعيد، أصدر حزمة من القرارات الاستثنائية مرة أخرى، لمواجهة الجماعة والفساد المتفشي بالبلاد، وهو ما يقوض أي محاولات لزعزعة الأمن والاستقرار بالبلاد، ولكنها ولدت انقسامات سياسية بين الأحزاب.
أصدر الرئيس قيس سعيّد قرارات جديدة لإدارة البلاد في الفترة المقبلة، على رأسها مواصلة جميع اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه، ووضع حد لكافة المنح والامتيازات المسندة لرئيس البرلمان راشد الغنوشي ونوابه.
كما أصدر سعيد ضمن قراراته التي تم نشرها بالصحيفة الرسمية للبلاد، أنه سيتم العمل بمقدمة الدستور وبالبابين الأول والثاني منه وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع هذه التدابير الاستثنائية، وقرر إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين.
ونوه في قراراته بأنه سيتم إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية بشكل مراسيم يختمها رئيس الجمهورية ويأذن بنشرها في الرائد الرسمي بعد مداولة مجلس الوزراء، شرط عدم النيل من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة بالمنظومة القانونية الوطنية والدولية.
كما سيتولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة، ويتولى تنظيم الدولة وضبط سياساتها العامة واختياراتها الأساسية ورئاسة مجلس الوزراء، ويسهر على تنفيذ القوانين ويمارس السلطة الترتيبية العامة.
وقرر سعيد أيضا أن يتولى القيادة العامة للقوات المسلحة وإشهار الحرب والسلم بعد مداولة مجلس الوزراء، وتكوين وزارات جديدة وتعديل وحذف وزارات وكتابات الدولة وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها، مع إحداث وحذف المؤسسات والمنشآت العمومية والمصالح الإدارية وإقالة أعضاء الحكومة واعتماد الدبلوماسيين للدولة في الخارج، والمصادقة على المعاهدات.
وإلى جانب ذلك ستتكون الحكومة من رئيس ووزراء وكتاب دولة يعينهم رئيس الجمهورية، وتتولى السهر على تنفيذ السياسات العامة للدولة طبقاً للتوجيهات والاختيارات التي يضبطها رئيس البلاد.
وبعد نشر تلك القرارات، أعلنت عدة أحزاب سياسية تأييدها لإجراءات سعيد الجديدة، حيث ترى أن الأوضاع المتدهورة في البلاد، بعد 10 أعوام من الثورة، تحتاج لتلك الخطوات، التي تعبر عن إرادة الشعب، وخطوة هامة لأجل بناء تونس الجديدة وتصحيح المسار الثّوري.
وأكد حزب التيار الشعبي أن تدابير الرئيس قيس سعيد الاستثنائية ضرورية وخطوة مهمة في مسار تفكيك منظومة الفساد والإرهاب، مضيفا في بيانه أن “أزمة المنظومة البائدة وصلت إلى حدودها القصوى ولم تعد قابلة للاستمرار في ظل استحالة إصلاحها من داخلها”.
ولفت التيار إلى أن “حركة النهضة الإخوانية دمرت بشكل ممنهج الاقتصاد الوطني وسلمت مقدرات الشعب التونسي للوبيات المالية وعصابات التهريب فتفشى الفساد بشكل غير مسبوق كإفراز حتمي لطبيعة المنظومة وبنيتها الاقتصادية”، موضحا أن “النظام السياسي أصبح عاملا مساعدا لهذه العصابات في إجرامها ونهبها نتيجة قصوره البنيوي وتشتت السلطة وضياع القرار الوطني، وهو أمر مدبر منذ البداية لخلق بيئة من الفوضى تكون حاضنة لمشاريع التمكين وتخريب الدولة التونسية وضياع حقوق الشعب”.
وتابع: إن قراره يأتي “انسجاما مع موقفه المبدئي في دعم قرارات يوم 25 يوليو كاستجابة لإرادة الشعب وإنقاذا لمؤسسات الدولة”، بالإضافة إلى “اعتبارها خطوة جبّارة نحو إسقاط منظومة الفساد والإرهاب والعمالة وجسرا للعودة إلى المسار السليم لثورة 17 ديسمبر وبناء الدولة الوطنية على أسس استقلالية القرار الوطني والديمقراطية الشعبية والعدالة الاجتماعية”.
كما أكد حركة الشعب، أن قرارات سعيد جاءت لإنقاذ البلاد، وأعلنوا أنهم ضدّ عودة البرلمان، الذي كان في خدمة المافيا والفاسدين، داعيا الرئيس إلى تحديد آجال الفترة الاستثنائية وتحديد مواعيد المحطات الانتخابية القادمة.
بينما أثارت القرارات غضب أفراد الجماعة وانقسامات سياسية بالبلاد، حيث أعلنت حركة النهضة، أن استمرار الرئيس قيس سعيّد بالمضي في التدابير الاستثنائية يهدد “بتفكيك الدولة” ويزيد من تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، قائلة: إن “إقرار أحكام انتقالية منفردة، يعد تصميما على إلغاء الدستور” وهو ما لا توافق عليه، وفقا لبيانها.
واتفق معها حليفها في البرلمان حزب “قلب تونس”، حيث أصدر بيانا أكد فيه أن الإجراءات التي اتخذها قيس سعيّد، تعتبر “خرقا جسيما للدستور وتعدّ انقلابا على الشرعية وتأسيسا لدكتاتورية جديدة”.