يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بكل السبل، الدخول إلى أفغانستان وتأمين مطار كابل، الذي بات المنفذ البعيد عن أيدي طالبان، ليحصد مكان القوات الأميركية بالبلاد.
ولتنفيذ ذلك، سلك أردوغان عدة مجالات من أجل الوصول لأفغانستان، بين التواصل مع طالبان ومسؤولي الحكومة السابقة وحتى أميركا، وأخيرا اتجه لباكستان.
وهو ما ظهر من خلال المحادثة الهاتفية بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ونظيره الباكستاني شاه محمود قرشي، بشأن الوضع في أفغانستان، عقب حركة طالبان على العاصمة كابل وخروج القوات الأجنبية.
وقالت الخارجية التركية في بيانها: إن أوغلو وقرشي تناولا هاتفيا التطورات الأخيرة في أفغانستان، وعمليات إجلاء المواطنين الأتراك من أفغانستان.
ويرى مراقبون أن تركيا تسعى للتدخل في الشأن الأفغاني من البوابة الباكستانية خاصة وأن إسلام آباد لها علاقات وطيدة بمختلف مكونات الشعب الأفغاني بما في ذلك حركة طالبان المتشددة، وفقا لموقع “أحوال” التركي.
وأكد الموقع التركي أنه لا يمكن لأنقرة أن يكون لها موطئ قدم داخل أفغانستان، أو تأمين مطار كابل وفق خطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دون الاستعانة بالدور الباكستاني.
وتمتلك باكستان علاقات قوية مع قادة حركة طالبان تعود لأكثر من ثلاثة عقود وبالتالي فإن الحكومة التركية تسعى لربط صلات مع طالبان عبر باكستان.
وسبق أن أبدى أردوغان، رغبته في الدخول لأفغانستان، قبل قمة الأطلسي، في يونيو الماضي، مدعيا أن بلاده هي “البلد الوحيد الموثوق به” الذي يحتفظ بقوات في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي والأطلسي.
وظهرت رغبة أردوغان في الدخول لأفغانستان، بعد تولي الرئيس الأميركي جو بايدن السلطة في يناير الماضي، حيث أعلن سحب القوات الأميركية من أفغانستان، في 11 سبتمبر المقبل، بالتزامن مع ذكرى الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها بلاده لتشن حربا على أفغانستان.
وولدت تلك الرغبة التركية القلق من نشوب حرب بأفغانستان بين أنقرة وطالبان، لذلك تتوقع الاستخبارات الأميركية انهيار حكومة كابل بعد 6 أشهر من انسحاب الولايات المتحدة.
وغازل أردوغان طالبان مجددا الدعوة للحوار معها كما يهدف الحصول على إدارة مطار كابل، مطالبا بضرورة إبقاء قنوات الحوار مع الحركة مفتوحة، واتباع نهج تدريجي بدلا من نهج قائم على شروط صارمة، مبينا أن تركيا ترحب مبدئيا بالرسائل المعتدلة التي صدرت عن الحركة المتشددة.
ويدرك أردوغان جليا قوة حركة طالبان وبالتالي فإنه من لن يعمل على مواجهة الحركة بل سيسعى إلى التقرب منها بهدف تعزيز نفوذ تركيا في أفغانستان ووسط آسيا.
ومن ناحيتها، جددت حركة حركة طالبان رفضها بقاء قوات تركية في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي وانسحاب حلف الناتو، معلنة تريد التعامل مع تركيا كحليف.
وقال الناطق باسم حركة طالبان الأفغانية، سهيل شاهين، إنهم يريدون إقامة علاقات جيدة مع تركيا ودول الجوار، ما يثبت إجراء عدة مفاوضات مشتركة بين الطرفين مع وساطة قوية لتنفيذ تلك الأعراض الإرهابية.
المثير للجدل، أن شاهين، أدلى بذلك خلال لقاء مباشر له مع قناة A Haber التركية، مضيفا أن طالبان تعتبر تركيا دولة شقيقة، كونها دولة إسلامية، موضحا: “نود أن نكون قريبين من تركيا للحصول على أي مساعدة مالية أو تعاون”.
وتابع زعما أن حكومتهم ستكون مريحة، وستساعد النظام العالمي وتتكيف معه وستكون في وئام مع الجميع في المنطقة، مضيفا: “سنكون في وئام مع الجميع في باكستان وأفغانستان ومن حولنا. نريد تشكيل حكومة من خلال الاعتراف بالحقوق الأساسية لشعبنا. فليشعر الجميع بالاطمئنان. نحن لا نشكل تهديدًا لأحد”.
كما قال الملا محمد يعقوب نجل الزعيم السابق محمد عمر، بشأن الموقف من أنقرة، إن “تركيا بلد نريد إقامة علاقات وثيقة معه. نطلب من أردوغان أن يحترمنا. تركيا بلد يستضيف العديد من الأفغان ونريد إقامة علاقات وثيقة معه. نحن لا نعتبر تركيا عدوًا بل حليفا”، في إشارة إلى ضرورة التخلي عن رغبة أنقرة في إبقاء قوات تركية في أفغانستان.