تطورات عديدة متلاحقة تشهدها أفغانستان، بصورة متسارعة، وسط رغبة قوية من تركيا في القفز على الأحداث لتحقيق أهدافها وأطماعها لنيل الرضاء الأميركي وحصد مكاسب أخرى.
خلال الأشهر الماضية، أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رغبته في الدخول لأفغانستان ليحل مكان القوات الأميركية المقرر انسحابها في ١١ سبتمبر المقبل، منذ قمة الأطلسي، في يونيو ٢٠٢١، مدعيا أن بلاده هي “البلد الوحيد الموثوق به” الذي يحتفظ بقوات في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي والأطلسي، لترفض طالبان ذلك بشدة بالبداية، قبل أن يتبادل الطرفان التصريحات الودية مؤخرا.
ومع سيطرة طالبان على أفغانستان، ما زال من غير المعلوم مصير التطورات بالبلاد ودخول أنقرة لمطار كابل، حيث أفادت وكالة “رويترز” بأن تركيا تخلت عن خطط تولي الأمن في مطار كابل الدولي بأفغانستان بسبب الفوضى في المنشأة.
كما نقلت “رويترز” عن مصدرين تركيين بارزين تأكيدهما أن أنقرة مستعدة لتقديم الدعم الفني لطالبان في المطار إذا طلبت الجماعة ذلك، حيث أضافوا: “هناك فوضى تامة في مطار كابل، وتعطل النظام تماما، في هذه المرحلة، تلقائيا تم ألغينا تولي الجنود الأتراك السيطرة على المطار.. وفي حال طلبت طالبان دعمًا فنيًا، يمكن لتركيا توفير الدعم الأمني والفني في المطار”.
ويأتي ذلك بعد أن صورت تركيا مهمة المطار على أنها مجال محتمل للتعاون يمكن أن يساعد في إصلاح العلاقات المتدهورة بين البلدين، وسعت لتطهير المطار من آلاف الأفغان الفارين من طالبان ومحاولة ركوب الطائرات.
فيما نقلت صحيفة “ديلي صباح” التركية، عن مصادر رفيعة، أن أنقرة لم تقرر بعد ما إذا كانت ستتخلى عن الخطط. وقالوا إنه لم يتم اتخاذ مثل هذا القرار بعد.
فيما أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في مؤتمر صحفي مشترك مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في عمان، أنه “سنبذل قصارى جهدنا لضمان استقرار أفغانستان.. ونحن على رأس الدول التي تدعم أفغانستان. وسنواصل دعم التنمية الاقتصادية والاستقرار والسلام في أفغانستان”.
ومن ناحيتها، جددت حركة طالبان رفضها بقاء قوات تركية في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي وانسحاب حلف الناتو، معلنة إرادة التعامل مع تركيا كحليف.
وقال الناطق باسم حركة طالبان الأفغانية، سهيل شاهين، إنهم يريدون إقامة علاقات جيدة مع تركيا ودول الجوار، ما يثبت إجراء عدة مفاوضات مشتركة بين الطرفين مع وساطة قوية لتنفيذ تلك الأغراض الإرهابية.
المثير للجدل، أن شاهين، أدلى بذلك خلال لقاء مباشر له مع قناة A Haber التركية، مضيفا أن طالبان تعتبر تركيا دولة شقيقة، كونها دولة إسلامية، موضحا: “نود أن نكون قريبين من تركيا للحصول على أي مساعدة مالية أو تعاون”.
وتابع: زاعما أن حكومتهم ستكون مريحة، وستساعد النظام العالمي وتتكيف معه وستكون في وئام مع الجميع في المنطقة، مضيفا: “سنكون في وئام مع الجميع في باكستان وأفغانستان ومن حولنا. نريد تشكيل حكومة من خلال الاعتراف بالحقوق الأساسية لشعبنا. فليشعر الجميع بالاطمئنان. نحن لا نشكل تهديدًا لأحد”.
كما قال الملا محمد يعقوب نجل الزعيم السابق محمد عمر، بشأن الموقف من أنقرة، إن “تركيا بلد نريد إقامة علاقات وثيقة معها. نطلب من أردوغان أن يحترمنا. تركيا بلد يستضيف العديد من الأفغان ونريد إقامة علاقات وثيقة معها. نحن لا نعتبر تركيا عدوًا بل حليفا”، في إشارة إلى ضرورة التخلي عن رغبة أنقرة في إبقاء قوات تركية في أفغانستان.
وأوضح يعقوب أنه: “لن نسمح لأي دولة أن تكون على أراضي أفغانستان. نرى القوات الأجنبية على أنهم غزاة على أراضي إمارة أفغانستان الإسلامية مهما كان، وسنفعل ما هو ضروري”.
والأحد الماضي، تمكنت حركة طالبان، من دخول العاصمة كابل، وأمرت مسلحيها بدخول كابل لمنع عمليات النهب، كما أعلنت تسيير دوريات أمنية بالعاصمة الأفغانية كابل، مؤكدة أنه “لن تكون هناك حكومة انتقالية في أفغانستان”.
كما أن مسلحي الحركة سيطروا على القصر الرئاسي في كابل، بعد تقديم الرئيس الأفغاني أشرف غني استقالته، بسبب انهيار الحكومة أمام الحركة، حيث توجه إلى طاجيكستان.
وخلال الأيام الماضية، سيطرت طالبان على حوالي ٩٠% من أفغانستان، بسقوط مدينة مزار شريف شمالي البلاد، ومنها إلى جلال آباد وعاصمة ولاية ميدان وردك غرب كابل، لتفرض قبضتها على الحدود الأفغانية الباكستانية، بالإضافة إلى بولي علم بولاية لوغار، وميدان ورد غرب كابل، وغزنة بقلب البلاد.
كما سيطرت طالبان على آخر المدن الرئيسية خارج العاصمة وهي مدينة خوست عاصمة ولاية خوست، والتي كانت خاضعة لسيطرة الحكومة المركزية المعزولة في البلاد، لتفصل بذلك فصل العاصمة عن الشرق.