بعد آمال تركيا الكبيرة على إعادة علاقاتها مع مصر، وتقاربها البالغ عبر العديد من التصريحات التي أصدرها المسؤولون وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، يبدو أن المصالحة على حافة الفشل والانتهاء.
بالأسبوع الماضي، وجهت مصر رسالة حاسمة لتركيا بعدم التدخل في الشأن الليبي خاصة قبيل الانتخارات المرتقبة بها، فضلا عن سحب مرتزقزتها، وتوجيه رسالة شديدة اللهجة بسبب عدم التزام أنقرة بمطالب القاهرة وتنفيذها لإعادة العلاقات بين البلدين.
وبالتزامن مع ذلك، ركز الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في جلستي مباحثات منفصلتين هامتين، على تلك القضية، حيث عقد جلسة مع وزيرة الخارجية والتعاون الدولي الليبية نجلاء المنقوش، والثانية مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس.
وشدد الرئيس المصري في لقائه مع رئيس الوزراء اليوناني، على ثبات المواقف المشتركة بين البلدين واتساق مصالحهما في منطقة شرق المتوسط.
وفي لقائه مع وزيرة الخارجية الليبية، أكد ضرورة خروج المرتزقة كخطوة أولى لحل الأزمة في البلاد، لافتا إلى أن موقف مصر ثابت تجاه القضية الليبية ووحدة أراضيها وسيادة إرادة الشعب الليبي دون تدخلات خارجية.
وكشفت مصادر أن التصريحات المصرية عقب اللقاءين تثبت تمسك القاهرة بموقها تجاه حل الأزمة الليبية وسحب المرتزقة من البلاد سريعا، وفي الوقت نفسه التزامها تجاه شركاء شرق المتوسط.
واعتبرت المصادر أن تلك المواقف والتصريحات المصرية يمكن أن تؤثر بشدة على التفاهمات بين مصر وتركيا، أو أن المفاوضات تواجه احتمالات عالية بالفشل.
وتابعت: إن الطرفين لم يتفقا بعد على العديد من القضايا الأساسية الهامة، لا يمكن تغافلها بالأساليب الدبلوماسية، منها وضع الإخوان في إسطنبول والوجود التركي العسكري والتدخل في ليبيا.
وأشارت المصادر أن نسبة فشل المفاوضات عالية، وهو ما يتضح من خلال عدم إجراء الجولة الثانية من المحادثات الدبلوماسية الاستكشافية بين مصر وتركيا على مستوى نواب وزراء الخارجية، والتي كان من المفترض انطلاقها حاليا، ولكنها لم يعلن عن تأجيلها أو إلغائها، حتى الآن.
وقبل أيام قررت مصر فرض شروط جديدة في العلاقات مع تركيا، في مقدمتها منع أنقرة من التدخل في الانتخابات الليبية المقبلة، وفقا لما كشفته مصادر مطلعة، موضحا أنه تم تأجيل عقد لقاءات جديدة مع تركيا لحين التنفيذ الجدي والحقيقي التي تقدمت بها القاهرة، من جانب أنقرة.
وتابعت: إن مصر طالبت تركيا بعدم التدخل في الانتخابات الليبية المقبلة، بالإضافة لتقديمها لتعهدات تركية مكتوبة تلتزم فيها باحترام سيادة ليبيا، وسحب القوات التركية والمرتزقة من ليبيا لاستئناف اللقاءات الأمنية.
وأشارت المصادر إلى أن تركيا تماطل في تنفيذ عدد من المطالب المصرية، وتحديدا فيما يخص تقليل عدد قواتها في ليبيا، بينما تتمسك القاهرة بتسلم الإخوان الهاربين لإسطنبول.
ومن المقرر تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بليبيا في موعدها المحدد سلفا، في 24 ديسمبر من العام الجاري.
وخلال مطلع الشهر الماضي، جرت المباحثات الاستكشافية الأولى بين مصر وتركيا، حيث أصدرت الخارجية المصرية، بيانا أكدت فيه أن المباحثات الاستكشافية بين وفدي مصر وتركيا التي احتضنتها القاهرة جرت برئاسة نائب وزير الخارجية السفير حمدي سند لوزا، ونائب وزير خارجية تركيا السفير سادات أونال، وشهدت بحث القضايا الثنائية، وعدد من القضايا الإقليمية، خاصة الوضع في ليبيا وسوريا والعراق وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط، مشيرة إلى أنه “سيقوم الجانبان بتقييم نتيجة هذه الجولة من المشاورات والاتفاق على الخطوات المقبلة”.
ومنذ فبراير الماضي، تحاول تركيا بكل السبل إعادة العلاقات مع مصر، والتي بدأت بالتودد والمغازلة عبر العديد من التصريحات ثم تقييد أنشطة الإعلام الإخواني بإسطنبول ومنع منح الجنسيات لهم وتهديد قادتهم، لتسارع الزمن من أجل أول زيارة مرتقبة من أنقرة للقاهرة بمايو المقبل.
وشهدت العلاقات بين مصر وتركيا توترا بالغا وصل لقطيعة دبلوماسية، منذ عزل الشعب للرئيس الإخواني محمد مرسي، في عام 2013، والذي تزعم أنقرة أنه انقلاب، لدعمها جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما تدينه السلطات المصرية، كونها ثورة شعبية واضحة، متهمة تركيا بدعم جماعة “الإخوان المسلمين” التي أعلنتها القاهرة رسميا “تنظيما إرهابيا”، وفاقم الخلافات بينهم فيما يخص الملف السوري والليبي.