رغم محاولات عودة العلاقات والمصالحة التي تجريها تركيا مع مصر، إلا أن القاهرة تسير بخطوات محسوبة وحثيثة تجاه أنقرة، بعد أعوام من القطيعة والخلافات الشديدة، لتجدد وضع محاذير أخرى في مسار العلاقات.
وانطلاقا من هدفها في حماية أمن واستقرار المنطقة، قررت مصر فرض شروط جديدة في العلاقات مع تركيا، في مقدمتهم منع أنقرة من التدخل في الانتخابات الليبية المقبلة، وفقا لما كشفته مصادر مطلعة.
وأضافت المصادر أن مصر قررت تأجيل عقد لقاءات جديدة مع تركيا لحين التنفيذ الجاد والحقيقي الذي تقدمت به القاهرة، من جانب أنقرة.
وتابعت أن مصر طالبت تركيا بعدم التدخل في الانتخابات الليبية المقبلة، بالإضافة لتقديمها لتعهدات تركية مكتوبة تلتزم فيها باحترام سيادة ليبيا، وسحب القوات التركية والمرتزقة من ليبيا لاستئناف اللقاءات الأمنية.
وأشارت المصادر إلى أن تركيا تماطل في تنفيذ عدد من المطالب المصرية، وتحديدا فيما يخص تقليل عدد قواتها في ليبيا، بينما تتمسك القاهرة بتسلم الإخوان الهاربين لإسطنبول.
ومن المقرر تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بليبيا في موعدها المحدد سلفًا، في 24 ديسمبر من العام الجاري.
وخلال مطلع الشهر الماضي، جرت المباحثات الاستكشافية الأولى بين مصر وتركيا، حيث أصدرت الخارجية المصرية، بيانا أكدت فيه أن المُباحثات الاستكشافية بين وفدي مصر وتركيا التي احتضنتها القاهرة؛ جرت برئاسة نائب وزير الخارجية السفير حمدي سند لوزا، ونائب وزير خارجية تركيا السفير سادات أونال، وشهدت بحث القضايا الثنائية، وعدد من القضايا الإقليمية، خاصة الوضع في ليبيا وسوريا والعراق وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط، مشيرة إلى أنه “سيقوم الجانبان بتقييم نتيجة هذه الجولة من المشاورات والاتفاق على الخطوات المقبلة”.
فيما علق نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي، على المباحثات التي استمرت يومين بالقاهرة، بقوله إنه على الرغم من أن العلاقات مع مصر تشهد توترا في الآونة الأخيرة، إلا أن التعاون الثنائي يصب في مصلحة البلدين.
وأضاف أقطاي، خلال مقابلة تلفزيونية، أننا: “منفتحون على تطوير علاقاتنا مع جميع دول المنطقة وعلى أساس الاحترام المتبادل بين الجانبين”، مؤكدًا: “قد تكون علاقتنا السياسية مع مصر متوترة، لكن تعاون البلدين يصب في صالحهما، وهي جارتنا في شرق المتوسط، ولدينا علاقات قرابة وشراكة تجارية معها”.
وتابع أن “هذه الخطوة أظهرت الرسائل اللازمة حول تحسين العلاقات.. لا يمكن القول إن العلاقات مع مصر انقطعت بالكامل، فقد كانت هناك اتصالات استخباراتية ودبلوماسية، والآن بدأت عملية التطبيع على مستوى نواب الوزراء”.
ومنذ فبراير الماضي، تحاول تركيا بكل السبل إعادة العلاقات مع مصر، والتي بدأت بالتودد والمغازلة عبر العديد من التصريحات ثم تقييد أنشطة الإعلام الإخواني بإسطنبول ومنع منح الجنسيات لهم وتهديد قادتهم، لتسارع الزمن من أجل أول زيارة مرتقبة من أنقرة للقاهرة بمايو المقبل.
وشهدت العلاقات بين مصر وتركيا توترا بالغا وصل لقطيعة دبلوماسية، منذ عزل الشعب للرئيس الإخواني محمد مرسي ، في عام 2013، والذي تزعم أنقرة أنه انقلاب، لدعمها جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما تدينه السلطات المصرية، كونها ثورة شعبية واضحة، متهمة تركيا بدعم جماعة “الإخوان المسلمين” التي أعلنتها القاهرة رسميا “تنظيما إرهابيا”، وفاقم الأوضاعَ الخلافاتُ بينهما فيما يخص الملف السوري والليبي.