لا تكف تركيا عن تدخلاتها في الشأن الليبي، من خلال إرسال مرتزقة الفصائل السورية الموالية لأنقرة، إلى الأراضي الليبية، لتنفيذ عدد من مخططات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الطامع في السيطرة على مقدرات أحفاد عمر المختار.
وتثبت المراوغة التي تتخذها أنقرة أسلوبا في التعامل مع نداءات الليبيين، والمجتمع الدولي، الرافض للتدخل التركي في ليبيا، أطماع أردوغان، ونواياه الخبيثة؛ إذ لا ينتوي الغازي التركي سحب مرتزقة بلاده من الأراضي الليبية كما هو مأمول، وإنما يمعن في إرسال مزيد من المرتزقة.
ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن مصادر له، قولها: إن دفعة من المرتزقة السوريين الموالين للحكومة التركية عادت من ليبيا إلى سوريا، حيث عاد خلال الـ48 ساعة الماضية، نحو 95 مقاتلا من فصائل فرقة الحمزة، وفيلق المجد، والسلطان مراد، وفرقة المعتصم.
وأضافت المصادر: أن عودة هؤلاء لا تندرج في إطار سحب المرتزقة من ليبيا، بل في إطار عمليات تبديل المقاتلين؛ إذ جرى إرسال دفعة مكونة من أكثر من 100 مقاتل من الفصائل ذاتها إلى الأراضي الليبية من قبل الحكومة التركية.
وأشارت مصادر المرصد السوري إلى أن فرقة الحمزة قامت باعتقال عدد من مقاتليها الذين عادوا إلى سوريا مع الدفعة الأخيرة، على خلفية ارتكابهم تجاوزات كبيرة في ليبيا على حد زعمهم.
جاء ذلك في ظل استمرار المطالبات الدولية بسحب المرتزقة من ليبيا، إلا أن هذه المطالبات لم تلقَ آذانا صاغية حتى الآن.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي يعود فيها هذا العدد منذ 25 مارس الماضي، حيث اقتصرت عمليات العودة منذ ذلك الحين على العودة الفردية بذرائع مرضية وتقارير طبية مزورة، لكنها ليست دليلا على نية تركيا سحب مرتزقتها من ليبيا كما هو مأمول، وإنما هي جزء من عملية تبديل المقاتلين، بدليل إرسال دفعة من المرتزقة تضم أكثر من 100 شخص إلى الأراضي الليبية، الذي يعد تجاهلا واضحا للمطالبات الدولية بسحب المرتزقة الموالين لتركيا من الأراضي الليبية، في ظل بقاء المسلحين الموالين لأنقرة في البلد الإفريقي.
كما تعد عمليات إرسال المرتزقة من جانب الحكومة التركية ضربا بتفاهمات الليبيين الداخلية، التي جرت مؤخرا، وتدخلا غير مقبول في الشأن الليبي، وهو ما يصر الليبيون على رفضه، والخلاص من المرتزقة إلى الأبد من خلال طردهم خارج البلاد.
وكانت حكومة الوحدة الوطنية الليبية، قد عبرت فيما جاء على لسان وزيرة خارجيتها، نجلاء المنقوش، عن رغبتها الحقيقية في طرد المرتزقة والقوات الأجنبية من بلادها.
وخلال الأسبوع الماضي، زار المبعوث الأممي لدى ليبيا، يان كوبيتش، تركيا، ضمن المساعي الدولية لإقناع أنقرة بالتوقف عن إرسال المرتزقة، والإسهام إيجابيا في دعم مسار التسوية السياسية، وإجراء الانتخابات في موعدها، بعد اتفاق الفرقاء على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتوحيد البرلمان.
وبحسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيانات سابقة، تسيطر تركيا على عدد من القواعد العسكرية والجوية والبحرية في غرب ليبيا، أشهرها قاعدة الوطية، كما جندت أنقرة ما يربو على 18 ألف مرتزق سوري، أعيد أغلبهم بعد انتهاء عقودهم، إضافة إلى 10 آلاف إرهابي من جنسيات أخرى بينهم 2500 من حملة الجنسية التونسية، قتل منهم 496.
وعلى الرغم من المطالبات الليبية والدولية الرافضة لوجود المرتزقة على أراضي ليبيا كافة، رغم القرارات الأممية التي تقضي بحظر التسليح على ليبيا منذ عام 2011، يستمر وجود المرتزقة الموالين للحكومة التركية؛ ما يثبت بما لا يدع مجالا للشك خداع الدبلوماسية التركية في التعامل مع القضية الليبية.