في ظل الأزمة الضخمة التي تشهدها لبنان، على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، قررت النيابة المالية الوطنية في فرنسا فتح تحقيق أولي بشأن ثروة حاكم المصرف المركزي اللبناني، “رياض سلامة”، في أوروبا.
وأكد مصدر قضائي لوكالة فرانس برس، اليوم الأحد، أنه تم فتح هذا التحقيق في نهاية مايو الماضي، فيما يخص قضية “تآمُر جنائي” و”تبييض أموال في عصابة منظمة”، حيث تم التقدم في إبريل بشكويين تستهدفان “سلامة” وثروته الكبيرة في أوروبا أمام نيابة مكافحة الفساد في باريس.
ومن المقرر أن تسمح التحقيقات خصوصاً بتوضيح مصدر الثروة الكبيرة التي يملكها سلامة.
فيما أكدت وسائل إعلام لبنانية رسمية، أن القاضي “غسان عويدات”، المدعي العامّ اللبناني التمييزي أحال النتائج الأولية للسلطات السويسرية في فبراير.
وفي إبريل الماضي، أكد حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، لصحيفة “لوفيجارو” الفرنسية: أنه “لم يكن لديه أي أموال غير مشروعة أو أموال مختلسة على حساب البنك المركزي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر”، مضيفا أنه في وقت سابق من خلال عرض الوثائق التي تثبت امتلاكه 23 مليون دولار في عام 1993، قبل توليه رئاسة مصرف لبنان.
وتابع: “لقد جمعت ثروتي بعد عشرين عامًا، بفضل راتبي الشهري الكبير جدا، وتمكنت من إدارة هذه الأموال بشكل جيد من قبل مستشاري، وجعلها تزيد.. يتم التصريح عن جميع أصولي، بما في ذلك أصولي في الخارج، وأنا أدفع ضرائبي”.
وأردف سلامة: “أنا المستفيد المعلن في كل ما أملك لأنني شفاف ولا يوجد شيء أريد أن أخبئه، وبالتالي يسهل على الجميع الوصول إلى المعلومات عني واختلاق الأكاذيب”، مؤكدا: “وكل هذه الاتهامات هي ضجيج يهدف إلى إلحاق الأذى بي وهو جزء من حملة شيطنة بدوافع سياسية وأيديولوجية خفية”.
وفيما يخص الأزمة في سويسرا، أوضح سلامة أن “هناك تحقيقا أوليا في سويسرا، لا يمكنه الإفصاح عن معلوماته لاحترام سرية التحقيق”، مضيفا: “أكرر أنني لم أستفد قط من الأموال غير المشروعة على حساب مصرف لبنان، لا بشكل مباشر أو غير مباشر”.
وسبق أن فُتح تحقيق بحق سلامة وشقيقه رجا ومساعدته المقرّبة ماريان حويك في سويسرا، وفقا لصحيفة “لو تان” اليومية تتناول التحقيقات تحويلات مالية بأكثر من 300 مليون دولار أجراها الرجلان بين لبنان وسويسرا.
وكان مكتب المدعي العام السويسري أعلن في يناير الماضي أنه طلب مساعدة قانونية من لبنان، فيما يتعلق بتحقيق في “غسل أموال خطير” واختلاس محتمل مرتبط بمصرف لبنان.
ومن ناحيته علق مسؤول حكومي لبناني، أن السلطات السويسرية تحقق في تحويلات مالية أجراها حاكم المركزي، كما تنظر في أنشطة قام بها شقيقه ومساعده.
ويشهد لبنان منذ العام 2019 أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه المعاصر وانهيارا لقيمة العملة الوطنية وفرض قيود مصرفية تحظر التحويلات المصرفية إلى خارج البلاد.
ويشهد القطاع المصرفي في قلب أزمة لبنان أزمة مالية غير مسبوقة، منذ نهاية 2019، حيث أحالت البنوك إلى حد كبير بين العملاء وودائعهم الدولارية وأوقفت التحويلات إلى الخارج منذ ذلك الحين مع تنامي شح الدولار، حيث تسبب الانهيار المالي في تداعي قيمة العملة المحلية وأجبر البلاد على إعلان عدم قدرتها على سداد ديون سيادية ودفع نصف السكان على الأقل إلى الفقر.
وفي أحدث تقاريرها، أكدت ستاندرد أند بورز غلوبال، أنه من المرجح أن يتضرر المودعون في البنوك اللبنانية مع امتصاصها تكلفة إعادة هيكلة ديون البلاد.
وجمدت البنوك معظم ودائع العملاء الدولارية وحظرت تحويل الأموال السائلة إلى الخارج منذ اندلاع الاضطرابات أواخر 2019.