بعد أعوام عديدة من التمدد والاستنزاف التركي لليبيا، باستغلال مواردها والسيطرة على مناطقها الحيوية، ونشر الإرهاب والفوضى والتخريب لضمان سيطرتها، بالتعاون مع حكومة الوفاق، عبر نقل الآلاف من المرتزقة، اتجهت قبل أشهر لنشر ادعاءات بسحب المرتزقة من ليبيا.
ومنذ ذلك التصريح التركي الخبيث، الذي زعمت فيه حسن نيتها بسحب المرتزقة تمهيدا للاستقرار بالبلاد، لاسيما عقب تولي السلطة الانتقالية الجديدة، ولكنها لم تتخذ أي خطوات جادة في هذا الأمر، لتسقط تلك الوعود بعرض الحائط.
تجدد مطلب سحب المرتزقة المدعومين من تركيا، خلال المفاوضات بين القاهرة وأنقرة لإعادة العلاقات، حيث اشترطت مصر تنفيذ ذلك، لحماية حقوق دول الجوار وتحسين أوضاع المنطقة والالتزام بسيادة الدول.
وفي أعقاب تلك المشاورات، ضغطت برلين أيضا للسبب نفسه، حيث أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اليوم أن تركيا وألمانيا اتفقا على ضرورة مغادرة جميع المرتزقة الأجانب ليبيا.
وأضاف جاويش أوغلو، في مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني هيكو ماس في برلين، أن أنقرة لديها اتفاق ثنائي مع الحكومة الليبية وتحديدا الوفاق بشأن تواجد قواتها في البلاد، زاعما أنه يجب عدم الخلط بينها وبين المرتزقة الأجانب المتمركزين هناك.
ويأتي ذلك عقب لقاء الوزير جاويش أوغلو بالفيديو مع وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر مساء أمس، حيث قال الوزير التركي عبر تويتر: “قمنا بتقييم الخطوات التي يمكن اتخاذها مع وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر بشأن الهجرة غير النظامية. وأكدنا على أهمية التعاون الفعال في محاربة منظمات حزب العمال الكردستاني وحركة الخدمة. قدمنا معلومات عن إجراءات السياحة الآمنة التي سننفذها هذا العام”. كما شارك جاويش أوغلو صور لقائه مع الوزير الألماني.
وصرح بالأمس، متحدث باسم الحكومة الألمانية بأن المستشارة أنجيلا ميركل أبلغت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن انسحاب القوات الأجنبية من ليبيا سيكون “إشارة مهمة”، بينما تعهد الزعيمان بدعم الحكومة المؤقتة الجديدة.
وفي أبريل الماضي، أعلنت وزيرة الخارجية الليبية الجديدة نجلاء المنقوش اتجاه بلادها للتخلص من أزمة المرتزقة، في جلسة استماع مع لجنة الشؤون الخارجية بمقر مجلس النواب الإيطالي، بقصر “مونتي تشيتوريو” في روما، مضيفة أن حكومة الوحدة الوطنية الليبية بقيادة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة تخوض حوارا مع تركيا، التي أبدت استعدادها لبدء المباحثات والمفاوضات.
وتابعت: إن “ليبيا حازمة في الوقت ذاته في نواياها، وتطلب من جميع الدول أن تكون متعاونة من أجل إخراج القوات الأجنبية من الأراضي الليبية”، مشيرة إلى أن “الأمر يشكل أولوية بالنسبة لليبيا، لأن أمننا يعتمد على انسحاب القوات الأجنبية”، وتابعت: “إننا ندرك أن المسألة لا يمكن حلها بين عشية وضحاها، لكننا واثقون استنادا للاستعداد الذي لاحظناه”.
وفي مارس 2021، أعلنت تركيا إعادة المرتزقة من الأراضي الليبية بعد أعوام من نشر الأعمال الإجرامية والإرهابية بالبلاد، وهو ما تخاذلت عنه حيث بدأت المراوغة والمناورة في هذا الشأن، منذ إصدار أوامر لعدد من المرتزقة بالاستعداد للعودة إلى سوريا.
وتسببت تلك المراوغة وتأخر عودة المرتزقة، في حالة من الغضب والاستياء بينهم، حيث يعانون من أزمات عديدة مسبقا بسبب تأخر دفع رواتبهم ومنعهم من العودة.
ويعتقد بعض المرتزقة أن أخبار عودتهم إلى سوريا مجرد ألاعيب تركية ووعودة إعلامية فقط، حيث يوجد في تركيا أكثر من 6630 مرتزقا، فضلا عن وجود نوايا تركية لاستمرار تواجد الفصائل السورية الموالية لها في ليبيا من أجل حماية قواعدها، رغم أن الكثير من المرتزقة يرغبون في الانتقال إلى أوروبا عبر إيطاليا.