بعد أعوام من الدفاع والإيواء والدعم، تخلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن عناصر الإخوان الهاربة إلى بلاده منذ ٧ أعوام، الذين احتضنهم لتنفيذ أغراضهم التخريبية ضد مصر، ولكنه أدرك خطأه والعزلة التي قاد بلاده إليها، ليضحي بهم في سبيل المصالحة مع القاهرة.
وخلال الأيام الماضية، انقلب وضع الإخوان الهاربين في تركيا تماما، ليشهدوا قيودا صارمة على القادة والقنوات الإعلامية، بسبب رغبة أنقرة في المصالحة مع مصر، حيث أصدرت الحكومة التركية قرارات صارمة ضمن مساعيها لتخفيف التوتر من القاهرة وعودة العلاقات، وفرضت قيودا حادة على قنوات الإخوان المعادية لمصر، ووجهت بوقف الانتقادات للقاهرة، مهددة بالترحيل إذا لم يتم الاستجابة لتلك التعليمات.
وقال جودت كامل، المحلل السياسي التركي المعارض، إن أسباب الإسراع في المصالحة من تركيا لمصر، ترجع لعدة أسباب، على رأسها العزلة التي تسيطر على أنقرة والرفض الدولي لها وتدهور علاقاتها، بالإضافة لإدراك أردوغان لأخطائه وفشله بالسياسة الخارجية خلال الأعوام الماضية.
وأضاف أن أردوغان لم يعد له أي أصدقاء في المنطقة، لذلك ينفذ الآن سياسة تصفير الأزمات مع دول الجوار، من السعودية والإمارات ومصر.
وأكد جودت كامل لـ”ملفات عربية”، أن تركيا باتت تعاني من مشاكل عديدة، جراء سياسات أردوغان، بخوض حروب في سوريا وليبيا وشرق البحر المتوسط، وهو ما تسبب في أزمات خارجية عديدة انعكست على الأوضاع الداخلية وتصاعد المعارضة وتدهور شعبية الرئيس التركي، الذي لا يجد مخرجا له الآن سوى المصالحة مع دول الجوار، وخاصة إعادة العلاقات مع مصر التي تورط معها في عدة خلافات بأمل في حلها.
وأشار إلى أن تضييق الخناق على الإخوان، يعتبر خطوة حقيقية وهامة لتركيا نحو مصر، والتي ترجع لرغبة أنقرة في إرضاء القاهرة بهدف التقارب، فضلا عن ضيق النظام الحاكم من الخلافات الإخوانية المتصاعدة بالبلاد والتي باتت تؤثر سلبا على الوضع الداخلي.
وتابع المحلل السياسي التركي أن أردوغان كان يعتبر الإخوان ورقة ضغط على مصر، والآن بعد تقييد الإعلام لم تعد تلك الورقة ذات أهمية على الإطلاق، لذلك من الممكن التضحية بأعداد منهم كقرابين للقاهرة.
وشدد على أهمية اعتراف تركيا بأن “٣٠ يونيو” كانت ثورة شعبية وليست انقلابا مثلما روج أردوغان خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى تقارب حقيقي في وجهات النظر وبذل جهود فعالة.
كما أشار كامل إلى أن الرئيس التركي يأمل الحصول على الدعم المصري في الملفات الخارجية الصعبة له، ومنها أزمة شرق المتوسط للحصول على نسبة من النفط به، ولكنه أمر مستبعد بسبب الاتفاقيات البحرية المصرية مع قبرص واليونان، وفقا للمحلل التركي.
وأبلغ النظام التركي قنوات الإخوان التي تبث رسميا من إسطنبول بضرورة وقف البرامج التي تعادي الدولة المصرية، وهم قنوات “مكملين، والشرق، ووطن”، حيث وجهت لهم تعليمات بضرورة تخفيف حدة لهجة الانتقاد.
وبسبب تلك الأزمات المتلاحقة وتفاقم مخاوف الإخوان من الترحيل، لذلك شكل التنظيم الدولي لجنة خاصة لإدارة الأزمة، وتحديد مصير المقيمين في تركيا ممن لم يحصلوا على الجنسية، ومستقبل العاملين في فضائيات إسطنبول، حال قرار السلطات التركية إغلاقها.
كما وجهت بمنع تدشين أي أحزاب سياسية إخوانية داخل تركيا، حيث أبلغت قيادات الجماعة بضرورة الالتزام لتجنب الترحيل، وأن النشاط الإعلامي لقنواتهم بإسطنبول سيكون مشروطا وبتصريح، وفي المقابل وافقت قيادات الجماعة الإرهابية مطالبة السلطات بعدم مداهمة القنوات.
وفي ظل ذلك، يبحث الإخوان عن ملجأ بديل لهم، بعد غدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بهم، وتهديداته بالترحيل إذا لم يستجيبوا للتعليمات، ولكن قد لا يجدون أي دولة تستقبلهم بسبب جائحة فيروس كورونا.
وشهدت العلاقات بين مصر وتركيا توترا بالغا وصل لقطيعة دبلوماسية، منذ عزل الشعب للرئيس الإخواني محمد مرسي ، في عام 2013، والذي تزعم أنقرة أنه انقلاب، لدعمها جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما تدينه السلطات المصرية، كونها ثورة شعبية واضحة، متهمة تركيا بدعم جماعة “الإخوان المسلمين” التي أعلنتها القاهرة رسميا “تنظيما إرهابيا”.