في الوقت الذي تحتفي فيه كل الدول باليوم العالمي للمرأة وتكريمها على أكمل وجه، وتحسين أوضاعها المختلفة والمساعدة على ارتقائها، تحت شعار هذا العام “أنا جيل المساواة”، تعاني أخريات من تدهور مزرٍ وضياع حقوق وتحديات صعبة تعرقلها وتقودها، وعلى رأسهن المرأة التركية.
تتعرض المرأة التركية لضياع حقوقها على يد الدولة والنظام الحاكم، ويواجهن تحديات صعبة، منها عدم توظيفهن وإقصائهن من الحياة السياسية والاجتماعية، وكثرة أعدادهن في السجون، وقمعهن وسلب حرياتهن واعتقالهن، لتقدم الكثيرات منهن على الانتحار؛ ما يجعل الدولة التركية هي المسؤول الأول عن قتل النساء بها.
منذ تولي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السلطة بالبلاد، زادت معاناة المرأة التركية، على الرغم من توقيع أنقرة على عدة اتفاقات ومعاهدات دولية وسن قوانين كثيرة لحماية المرأة، إلا أن كل ذاك لم ينفذ منه أي شيء وظل مجرد حبر على ورق.
تشهد النساء في تركيا سلسلة من العنف الممنهج بصرف النظر عن حالتهن الاجتماعية والاقتصادية، لتكون ضحية الرجل دون حماية، حيث لم يخرج أردوغان قط مدافعا عن المرأة، لدرجة أن أطلق عليه لقب “عدو النساء”، لتصريحاته العديدة المعادية للمرأة.
تعاني المرأة التركية من كل الأطراف، بداية من العنف المنزلي على يد الأزواج، ثم التحرش والاغتصاب، وحتى إلى حملات الاعتقالات الواسعة، واستهداف الناشطات والمنظمات نسوية، حيث كشف تقرير عن معدل ضحايا العنف ضد المرأة في تركيا الذي سجل زيادة غير مسبوقة في عام 2020، بنسبة 33 % عن العام السابق عليه، حيث إن نحو 560 امرأة تقدمت بشكاوى إلى الحكومة، وتعرضت 21 % منهن للانتهاك من قبل الموظفين العموميين اللائي تقدمن إليهم بشكاوى العنف، وتعرضت 482 امرأة للقتل على يد رجال، و97 امرأة تعرضت للتحرش، و53 امرأة تعرضت للاغتصاب، و607 نساء، على الأقل، أجبرن على العمل بالبغاء، فضلا عن أن ما لا يقل عن 493 امرأة تعرضن للعنف من قبل رجال خلال العام، كل ذلك وسط تجاهل السلطات التركية.
كما تعرضت 715 امرأة للعنف والقهر، و26% من الضحايا تقدمن بطلبات الحماية تعرضن للعنف من قبل أزواجهن، و86% من النساء القتيلات توفين قتلا بالرصاص في منزلهن، لذلك تقدمت 18 عضو بجمعيات حقوق المرأة باستقالات جماعية بسبب انتهاكات من قبل زملائهم بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، سواء انتهاكات جسدية أو انتهاكات حقوقية.
وفي عام 2017، نددت عدة تقارير حقوقية بجرائم نظام أردوغان ضد المرأة، بعد حملة الاعتقال الواسعة التي شنتها وزارة الشؤون الداخلية التركية ضد النساء والفتيات وسجنهن، حتى الأمهات المرضعات، بعد تهم ملفقة بالانضمام إلى حركة فتح الله غولن، ليصل عدد الأطفال داخل السجون التركية مع أمهاتهم 800 طفل، بينما وصل عدد النساء المحتجزات أكثر من 18 ألف امرأة، الذي يعتبر عددا كبيرا للغاية ولم يسبق في تاريخ تركيا.
كما اشتهر نظام أردوغان بإساءة معاملة النساء، حيث سبق أن اعتقلت السلطات نازان أصلان، بعد زيارة زوجها بأحداث مماثلة بعدما اعتقلت السلطات التركية مريم يازرلي، التي عملت كمدرسة أثناء زيارة زوجها للسجن في مدينة أرييلي بوسط تركيا، بالإضافة إلى اعتقال ناجيهان كوكزيك خلال زيارة زوجها السجن، مع أطفالها الخمسة.
وقبل ٣ أعوام، فضت الشرطة مظاهرة نسائية بالقوة، لمناهضة العنف ضد المرأة، حيث استخدمت الغاز، بعدما طالبت تلك المظاهرات، وتم إيداع المتظاهرات خلف القضبان، بشكل تعسفي، وفصلهن عن أبنائهن وإلقائهن في السجون.
لذلك تقبل الكثير من النساء في تركيا على قتل أنفسهن، حيث كشف معهد الإحصاء التركي أن أكثر من 1300 شخص انتحروا في البلاد، منذ عام 2015، وأغلبهم من النساء، فضلا عن مساعي النساء بتركيا للهروب للخارج بعيدا عن بطش النظام، عن طريق الهجرة غير الشرعية نتيجة منع السلطات التركية مئات الآلاف من المواطنين من السفر خارج البلاد، وألغت جوازات سفر العديد منهم.