تتجه أنظار الدبلوماسية الدولية إلى مجلس الأمن، حيث من المنتظر أن يعقد جلسة طارئة لمناقشة الاعتراف الإسرائيلي المثير للجدل بـ”أرض الصومال” كدولة مستقلة، في خطوة فجرت موجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، وفتحت الباب أمام تساؤلات عميقة حول تداعياتها على الاستقرار في القرن الإفريقي وأمن البحر الأحمر.
جلسة استثنائية وسياق حساس
انعقاد الجلسة يأتي في توقيت بالغ الحساسية، إذ يسبق بأيام تولي الصومال رئاسة مجلس الأمن الدورية، ما يمنح الحدث أبعادًا سياسية إضافية.
الحكومة الصومالية ترى في الخطوة الإسرائيلية مساسًا مباشرًا بسيادتها ووحدة أراضيها، فيما تسعى أطراف دولية إلى احتواء تداعيات القرار ومنع تحوله إلى سابقة تهدد منظومة القانون الدولي القائمة على احترام الحدود المعترف بها.
الاجتماع الطارئ يعكس حجم القلق داخل أروقة الأمم المتحدة من أن يؤدي هذا الاعتراف الأحادي إلى زعزعة توازنات دقيقة في منطقة تعاني أصلًا من هشاشة أمنية وصراعات ممتدة.
رفض جماعي وتحذير من التصعيد
قبيل الجلسة، أصدرت 21 دولة، غالبيتها من العالمين العربي والإسلامي، بيانًا مشتركًا حمل لهجة تحذير واضحة من “تداعيات خطيرة” للخطوة الإسرائيلية.
البيان شدد على أن الاعتراف بـ”أرض الصومال” يمثل انتهاكًا جسيمًا لمبادئ القانون الدولي، ويقوض الجهود الرامية إلى حفظ السلم والأمن في القرن الإفريقي ومنطقة البحر الأحمر.
هذا الموقف الجماعي عكس خشية حقيقية من أن يشجع القرار نزعات انفصالية في مناطق أخرى، ويعيد رسم خرائط سياسية بالقوة السياسية لا بالتوافق الدولي.
“أرض الصومال” بين الواقع والشرعية
منذ أكثر من ثلاثة عقود، تعمل “أرض الصومال” ككيان مستقل فعليًا عن مقديشو، مع مؤسسات سياسية وأمنية خاصة بها، رغم غياب أي اعتراف دولي رسمي.
هذا الوضع الرمادي جعل الإقليم حاضرًا في الحسابات الإقليمية دون أن يتحول إلى دولة معترف بها على الساحة الدولية.
الاعتراف الإسرائيلي كسر هذا الجمود، لكنه في الوقت ذاته وضع الإقليم في قلب صراع سياسي أكبر، قد يفرض عليه أعباء دبلوماسية وأمنية غير مسبوقة.
اتهامات متقاطعة ونفي متبادل
أثار القرار الإسرائيلي جدلًا إضافيًا بعد تقارير ربطت الاعتراف بجهود محتملة لإعادة توطين فلسطينيين من قطاع غزة خارج أراضيهم، وهو ما أدانه البيان المشترك للدول الـ21 بوصفه محاولة لفرض تهجير قسري.
في المقابل، سارع وزير خارجية “أرض الصومال” إلى نفي أي صلة بين الاعتراف الإسرائيلي والحرب في غزة، مؤكدًا أن الخطوة تأتي في إطار سعي الإقليم لنيل اعتراف دولي طال انتظاره.
حسابات إسرائيلية ورسائل إقليمية
من جانبها، قدّمت إسرائيل الاعتراف بوصفه خطوة منسجمة مع “روح اتفاقيات أبراهام”، في إشارة إلى توسيع شبكة علاقاتها في محيط استراتيجي يمتد من الشرق الأوسط إلى القرن الإفريقي. غير أن هذا التبرير لم يخفف من حدة الانتقادات، خاصة مع ما يحمله البحر الأحمر من أهمية حيوية للتجارة العالمية والأمن الإقليمي.
جلسة مجلس الأمن المرتقبة لن تكون مجرد نقاش سياسي، بل اختبارًا حقيقيًا لقدرة المجتمع الدولي على حماية مبدأ سيادة الدول ومنع فرض وقائع جديدة عبر اعترافات أحادية.

