تعيش الساحة السياسية البريطانية حالة استنفار غير مسبوقة مع اقتراب لحظة الحسم بشأن مستقبل تنظيم الإخوان في البلاد، بعدما أشعلت مراجعة أمنية وقانونية واسعة الجدل حول إدراج التنظيم الإرهابي على لوائح الإرهاب.
تبدو لندن اليوم أمام منعطف قد يغير قواعد التعامل مع الجماعات المؤدلجة داخل أوروبا، ويحد من انتشارها في المؤسسات والفضاءات العامة.
تحول جذري في مقاربة لندن للجماعات المتطرفة
الخطوة البريطانية تمثل تحولاً عميقًا في رؤية الدولة للجماعات المتشددة، بعدما ظلت لسنوات تتعامل مع وجود الإخوان كملف حساس تحت غطاء سياسي واجتماعي معقد.
غير أن تضخم أنشطة التنظيم الإرهابي داخل البلاد، واتساع شبكاته داخل بيئات محلية ومؤسسات أهلية، دفع أجهزة الأمن إلى إعادة تقييم شاملة لمسار هذه الجماعة التي نجحت في استغلال المساحات القانونية والمناخ الليبرالي لصياغة نفوذ مؤثر.
والتقييم الحالي الذي تجريه مؤسسات الحكومة يشمل نشاط الجماعة المالي والتنظيمي والفكري، ويمتد إلى تأثيرها على الخطاب العام ودورها في تغذية التطرف.
وتتناول هذه المراجعة مدى ارتباط الأذرع البريطانية للتنظيم بشبكات عابرة للحدود تمتد إلى الشرق الأوسط وأوروبا، وسط مخاوف متزايدة من تقاطع الأجندة الإخوانية مع تيارات راديكالية أخرى.
ضغوط أمريكية وتقاطعات دولية تدفع لندن نحو التشدد
التحرك البريطاني لا يمكن فصله عن التحولات الدولية التي تقودها واشنطن، حيث يتجه المسار الأميركي نحو تصنيف فروع الإخوان كمنظمات إرهابية أجنبية.
هذا التوجه أعاد ترتيب المشهد الدولي، ورفع منسوب الضغوط على لندن لاتخاذ موقف واضح، خصوصًا في ظل مخاوف من استغلال التنظيم للأجواء البريطانية كملاذ آمن لإدارة شبكاته وتمويلاته.
ويعزز السياق الدولي المتغير قناعة دوائر سياسية وأمنية في لندن بأن استمرار التساهل مع التنظيم قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من التطرف.
وتتردد داخل بعض الأوساط الحكومية قناعة مفادها: أن البيئة البريطانية باتت تتعرض لعملية اختراق ناعمة عبر كيانات إخوانية تعمل تحت أغطية خيرية وسياسية وثقافية.
إرث ثقيل.. وحضور متصاعد للتنظيم داخل بريطانيا
على مدى العقد الماضي، شكل توافد عناصر التنظيم الإرهابي إلى بريطانيا بعد حظرهم في عدة دول عربية عاملاً أساسيًا وراء تضخم نشاط الإخوان في البلاد.
وتزايدت المخاوف مع تقارير محلية تشير إلى استخدام الجماعة النفوذ الاجتماعي لكسب موطئ قدم في مؤسسات محلية وجمعيات مدنية، ما أثار انتقادات برلمانية واسعة ومطالب بتشديد الرقابة وملاحقة أنشطة التنظيم المالية والفكرية.
وبينما استعادت الأوساط البريطانية نتائج مراجعة عام 2015 التي ربطت بين الانتماء للجماعة ومؤشرات التطرف، فإن هذه المرة تبدو مختلفة تمامًا، إذ يجري إعداد ملف قانوني كامل يحتوي على تقييم معمق قد يفضي إلى خطوات عملية أكثر صرامة من تلك التي اتخذت سابقًا.
نحو قرار نهائي.. ومشهد سياسي بريطاني يتغير
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن الحكومة البريطانية باتت أقرب من أي وقت مضى لاتخاذ قرار بوضع الإخوان على قوائم الإرهاب، خصوصًا في ظل مناخ سياسي يميل إلى التشدد في ملفات الأمن القومي والهجرة والتطرف.
وفي الوقت ذاته، تبرز مواقف أحزاب سياسية وشخصيات مؤثرة تعلن صراحة دعمها لتصنيف التنظيم، ما يعكس توجهًا عامًا داخل المؤسسة السياسية البريطانية نحو الحسم.

