لم يعد المشهد في السودان مجرد صراع مسلح بين الجيش والدعم السريع، ولا مجرد حرب على السلطة أو النفوذ السياسي، فالأحداث التي تكشّفت خلال الأشهر الماضية أظهرت وجهًا أكثر ظلمة، كشفته تقارير حقوقية وإفادات ميدانية تتحدث عن استخدام أسلحة غير مشروعة في مناطق مدنية، ما يفتح الباب أمام واحدة من أخطر القضايا التي تُطرح منذ بداية الحرب. هل لجأ الجيش السوداني فعلاً إلى سلاح محرّم دوليًا ضد شعبه؟ وما الذي لم يُقَل بعد عن هذه الاتهامات؟
الحرب تتجاوز المعارك الميدانية
منذ اندلاع الاشتباكات في أبريل 2023، تركّزت الأخبار على المعارك، وسقوط المدن، والتقدّم والتراجع، والانهيار الأمني. لكن ما ظل بعيدًا عن الضوء هو طبيعة الأسلحة المستخدمة في هذه المواجهات، وما إذا كانت أطراف النزاع تلجأ إلى أدوات قادرة على إحداث دمار يتجاوز أي هدف عسكري.
ففي الأسابيع الأخيرة، بدأت منظمات محلية ودولية تتحدث عن حوادث غير مفسّرة في عدة مناطق داخل الخرطوم ودارفور وكردفان، حيث ظهرت أعراض لدى المدنيين لا تتوافق مع الأسلحة التقليدية، منها حالات اختناق مفاجئ، وحروق جلدية غير واضحة السبب، وضيق حاد في التنفّس، وتغيّر لون الهواء خلال القصف.
وفي بعض الأحيان، انهيار سريع للضحايا دون وجود شظايا. هذه المعطيات دفعت مراقبين لطرح سؤال خطير: هل تم استخدام غازات محرّمة أو أسلحة كيميائية بشكل محدود؟
أسباب قد تدفع الجيش لاستخدام سلاح محرّم
تحليل الخبراء يضع عدداً من الدوافع المحتملة، لكنها تبقى في إطار الفرضيات، منها محاولة كسر تفوّق الدعم السريع داخل المدن، والضغط لتحقيق مكاسب سياسية، وضعف دقة الأسلحة المستخدمة، وبعض الأسلحة القديمة قد تحتوي على مواد قابلة للاشتعال أو التفاعل، وتنتج تأثيرات مشابهة للغازات، ما يجعل الاستخدام غير مقصود، لكنه يبقى محرّمًا في جميع الحالات.
لماذا لم يتحرك المجتمع الدولي حتى الآن؟
وقالت مصادر إن هناك عدة أسباب تفسّر الصمت أو البطء الدولي، منها صعوبة التحقق الميداني، وانشغال القوى الكبرى بملفات أخرى، ورغبة بعض الدول في منع الانهيار الكامل للدولة السودانية.
هل نحن أمام لحظة انفجار الحقيقة؟
وأكدت مصادر أن المشهد في السودان يتجه نحو مرحلة يكاد فيها استخدام الأسلحة المحرّمة يتحوّل من اتهام إلى قضية رأي عام، خصوصًا مع انتشار الفيديوهات المحلية وشهادات الأطباء. ورغم صعوبة الوصول إلى أدلة نهائية، إلا أن المؤشرات المتزايدة تجعل السؤال مشروعًا: هل تجاوزت الحرب الخطوط الحمراء؟ فالأكيد أن ما ظهر حتى الآن ليس سوى جزء من الصورة، وأن ما لم يُقَل عن الحرب قد يكون أكبر بكثير مما ظهر في التقارير الحالية.

