تشهد تونس تصعيدًا ملحوظًا في وتيرة الاحتجاجات الشعبية التي تجتاح شوارع المدن، لتؤكد تحولًا جذريًا في مسار التعبير عن المطالب.
لقد انتقلت ساحة المعركة، التي كانت محصورة في صناديق الاقتراع والمؤسسات الرسمية، إلى الطرقات العامة والميادين، في دلالة واضحة على تزايد السخط وفقدان الثقة في آليات التغيير التقليدية.
وقالت مصادر إن هذا الحراك المتصاعد يتخذ أوجهًا متعددة، بين مطالب سياسية وحقوقية واجتماعية واقتصادية، مشيرًا إلى أن الأزمة في تونس باتت أعمق من مجرد خلافات سياسية.
تصاعد الاحتجاجات المطالبة بالحريات
ورفع المحتجون شعارات حادة ومباشرة، كان أبرزها المطالبة بعودة الحريات وعدم التضييق على عمل المنظمات المدنية، إلى جانب الدعوة لإفساح المجال للعمل الحزبي وإطلاق سراح من يصفونهم بالسجناء السياسيين وسجناء الرأي.
وأوضحت المصادر أن هذه الأصوات الاحتجاجية تأتي في وقت يصر فيه الرئيس التونسي قيس سعيد وأنصاره على أن الحريات مكفولة بموجب الدستور، وأن الإجراءات المتخذة كافة تجري في إطار القانون، وهو ما يرفضه النشطاء جملة وتفصيلًا.
تحذير من تغوّل السلطة
في تأكيد على المخاوف المتزايدة، أصدرت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بيانًا قويًا لخصت فيه الأزمة الحالية، اعتبرت الرابطة أن الظرف الراهن يتسم بالتصعيد الممنهج الذي يستهدف الحقوق والحريات والتضييق الخطير على العمل المدني والجمعياتي.
وفي اتهام مباشر، نددت الرابطة بما أسمته تغوّل السلطة واستفراد رئاسة الجمهورية بالحكم وتوظيفها لجهاز القضاء، وشددت الرابطة على أن المحاكمات الجارية للمعارضين افتقدت لشروط المحاكمات العادلة وأن جوهرها سياسي، يهدف إلى التضييق على العمل المدني والسياسي كجزء من مسار شامل.
هل يسكت الشارع صوت المؤسسات؟
إن تحول المطالب التونسية من القاعات الانتخابية الهادئة إلى الطرقات العامة الصاخبة يمثل نقطة تحول مفصلية في المشهد السياسي التونسي.
واختتمت المصادر أن هذا الحراك المتصاعد لا يعكس فقط الرفض لسياسات السلطة، بل يؤشر إلى أزمة عميقة في الثقة بين المواطن والمؤسسات الديمقراطية، ويعيد الشارع ليكون اللاعب الرئيسي والساحة الفعلية للضغط والتغيير.
يذكر أن تونس تقف اليوم على مفترق طرق، حيث يبقى صوت المجتمع المدني المدعوم بحراك الشارع هو التحدي الأكبر أمام السلطة الحالية.

