ذات صلة

جمع

أزمة تسليح إسرائيل.. برلين في مرمى ضغوط تل أبيب واتهامات الداخل

تتجه العلاقات بين إسرائيل وألمانيا نحو مرحلة توتر دبلوماسي...

فضيحة في لندن.. الإفراج بالخطأ عن عشرات السجناء يضع حكومة بريطانيا في مأزق

تشهد بريطانيا واحدة من أكثر الفضائح القضائية إثارة للجدل...

حسابات الحرب الكبرى.. هل يمكن للتفاوض أن يعيد الثقة المفقودة بالمؤسسات اللبنانية كشريك دولي؟

إن المؤسسات اللبنانية التي كانت تُعدّ يومًا نموذجًا للتوازن السياسي والإداري في المنطقة، تواجه اليوم أزمة ثقة غير مسبوقة على المستويين الداخلي والخارجي، بعد سنوات من الانهيار المالي والانقسامات الحادة.

تراكمات الانهيار السياسي والمالي

وقالت مصادر: إنه منذ انفجار مرفأ بيروت عام 2020، وما تبعه من انهيار مالي غير مسبوق، فقد لبنان جزءًا كبيرًا من مكانته في نظر المجتمع الدولي، إذ لم يعد يُنظر إليه كنظام توافقي متماسك بقدر ما يُعتبر دولة فاشلة تتآكل مؤسساتها تحت وطأة المحاصصة والفساد.

ومع تصاعد التهديدات الأمنية على الحدود الجنوبية، وتزايد الحديث عن حرب كبرى محتملة بين حزب الله وإسرائيل، أعادت الأزمة اللبنانية إلى الواجهة سؤالًا جوهريًا، هل ما يزال هناك مؤسسات لبنانية يمكن الوثوق بها لإدارة الملفات السيادية والتفاوض باسم الدولة، أم أن القرار بات فعليًا خارج الإطار الرسمي؟.

التحديات المؤسساتية وغياب القرار السيادي

وأكدت المصادر، أن أحد أكبر التحديات أمام استعادة الثقة بالمؤسسات اللبنانية هو غياب القرار السيادي المستقل، فالرئاسة شاغرة منذ أكثر من عام، والبرلمان منقسم، والحكومة تعمل بصلاحيات محدودة، في حين تمسك القوى الإقليمية بخيوط اللعبة الداخلية.

في المقابل، يراهن بعض الدبلوماسيين اللبنانيين على أن الانفتاح على المبادرات الدولية، مثل الوساطات الفرنسية أو دعم الأمم المتحدة لإصلاح القضاء والقطاع المالي، يمكن أن يُعيد تدريجيًا الثقة الدولية بالدولة اللبنانية، غير أن هذه المساعي تصطدم بواقع مؤسساتي هشّ، حيث تغيب الشفافية وتُستبدل الإصلاحات بصفقات سياسية مؤقتة.

لبنان بين ضغوط المجتمع الدولي وحاجة الإنقاذ

وأشارت مصادر دبلوماسية، إلى أن المجتمع الدولي، وخاصة واشنطن وباريس، لا يزال يرى في لبنان ساحة اختبار لمعادلة الحكم التوافقي، غير أن استمرار حالة الشلل السياسي يضعف الموقف اللبناني في أي طاولة حوار، ويجعل التفاوض أقرب إلى محاولة إنقاذية لا إلى مشروع استراتيجي لإعادة بناء الدولة.

وكشفت المصادر، أنه لا يمكن تجاهل أن التلويح بالحرب أو التصعيد العسكري جنوبًا يُستخدم من جميع الأطراف كأداة ضغط في مسار التفاوض، فإسرائيل تلوّح بخيار الحسم العسكري، بينما يسعى حزب الله لإبقاء خطوط الاشتباك مفتوحة، دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة، بما يسمح له باستخدام ورقة المقاومة كورقة تفاوضية لتحسين شروط لبنان الإقليمية.

الإعلام والمجتمع المدني كبدائل موقتة للتواصل مع المجتمع الدولي

وقالت المصادر: إنه في ظل غياب المؤسسات الرسمية الفاعلة، برز دور الإعلام والمجتمع المدني كبدائل موقتة لإعادة التواصل بين لبنان والمجتمع الدولي، فهذه الجهات ما تزال قادرة على تقديم صورة واقعية عن الداخل اللبناني، بعيدًا عن الشعارات السياسية.

وأوضحت المصادر، أن الثقة بالمؤسسات اللبنانية تبقى رهينة الإرادة السياسية الداخلية أكثر من رهينة المواقف الخارجية، فالمجتمع الدولي مستعد لمنح بيروت فرصة جديدة، شريطة أن تُظهر الدولة اللبنانية قدرتها على توحيد قرارها وتثبيت مؤسساتها على أساس من الشفافية والمساءلة، ومع أن الحرب ما تزال احتمالًا قائمًا، إلا أن التفاوض المدعوم بإصلاح حقيقي يمكن أن يكون المدخل الواقعي لإنقاذ لبنان من العزلة واستعادته موقعه كشريك دولي محترم، لا كدولة متأرجحة بين الوصاية والانهيار.