في مشهد يعكس هشاشة الهدوء في قطاع غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أحبط محاولة تسلل من قبل مسلحين قرب المنطقة الجنوبية من القطاع، بعد أن زعم بأنهما تجاوزا ما يعرف بـ”الخط الأصفر” الفاصل بين القوات الإسرائيلية والمناطق التي انسحبت منها تل أبيب مؤخرًا.
وأوضح الجيش، أن وحداته الميدانية رصدت تحرك عنصرين مسلحين في ساعات الصباح الأولى، قبل أن يتم التعامل معهما بنيران مباشرة؛ ما أسفر عن مقتلهما على الفور.
العملية وصفت بأنها “إجراء وقائي”، جاءت بعد أيام من تقارير إسرائيلية تتحدث عن تحركات مريبة قرب الحدود، ما رفع مستوى الاستنفار في محيط المواقع العسكرية المنتشرة جنوب القطاع.
الخط الأصفر.. حدود النار الهادئة
“الخط الأصفر” لم يكن مجرد مصطلح ميداني، بل أصبح عنوانًا لمرحلة أمنية حساسة بين الحرب والهدنة.
وبعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية، رسم الجيش الإسرائيلي هذا الخط كفاصل ميداني مؤقت يقسم قطاع غزة إلى منطقتين، من الشمال إلى الجنوب.
وفقًا للترتيبات المعلنة، انسحبت القوات الإسرائيلية إلى شرق هذا الخط، فيما تعد المنطقة الغربية منه منطقة محظورة على الاقتراب بالنسبة لأي عناصر مسلحة أو مجموعات فلسطينية.
والهدف من الخط هو تقليل الاحتكاك المباشر ومنع التصعيد، لكنه في الوقت ذاته يعتبر ساحة اختبار مستمرة للالتزام بالاتفاق الهش بين الطرفين.
عملية “التسلل” أم اشتباك حدودي؟
ورغم أن الجيش الإسرائيلي أكد أن المسلحين تجاوزا الخط الفاصل وشكّلا تهديدًا فوريًا، فإن الحادثة تثير تساؤلات حول طبيعة النشاط الأمني في تلك المنطقة التي تشهد منذ أسابيع عمليات انتشار محدودة للفصائل الفلسطينية، بالتزامن مع تحركات إنسانية لإعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة.
ويرجح، أن يكون الحادث مرتبطًا بمحاولات فردية من عناصر مسلحة لاختبار جاهزية القوات الإسرائيلية، خاصة أن الجيش شدد -خلال الأيام الماضية- من مراقبته الجوية والبرية على طول الحدود الجنوبية.
يخشى المراقبون من أن تؤدي مثل هذه الحوادث إلى إعادة إشعال المواجهات، خصوصًا في ظل استمرار التوتر السياسي حول آليات تنفيذ الاتفاق الأمني الجديد.
تأتي هذه التطورات بينما يسود القطاع توتر حذر منذ إعلان وقف إطلاق النار الأخير، إذ تراهن الأطراف على تثبيت تهدئة طويلة الأمد تسمح ببدء مرحلة إعادة الإعمار.
لكن الاشتباكات المتقطعة على أطراف “الخط الأصفر” تكشف عن حجم الشكوك المتبادلة بين تل أبيب والفصائل الفلسطينية، خاصة مع استمرار عمليات الرصد والاستهداف المتبادل في المناطق الحدودية.
ويرى مراقبون، أن مثل هذه الحوادث، مهما بدت محدودة، قد تستغل سياسيًا من الطرفين، فإسرائيل تقدمها كدليل على “التزامها الدفاعي” وحقها في حماية قواتها، فيما تعتبرها الفصائل مؤشرًا على استمرار الاحتلال في فرض قيود ميدانية جديدة داخل الأراضي الفلسطينية، رغم إعلان الانسحاب.
رسالة ردع واستعداد دائم
في ختام العملية، أكد الجيش الإسرائيلي، أن قواته في قيادة الجنوب باقية في حالة انتشار دائم “وفق اتفاق وقف إطلاق النار”، مشيرًا إلى أنها ستواصل “إزالة أي تهديد فوري على القوات أو المستوطنات المحاذية”.

