تزداد التساؤلات حول موعد عقد مؤتمر دعم التنمية الليبية الذي طال انتظاره، فالبلاد تقف اليوم أمام مفترق طرق حاسم بين استدامة الجمود أو انطلاق مسار تنموي حقيقي يفتح الباب أمام إعادة الإعمار والاستثمار.
ففي الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة الليبية أن التحضيرات مستمرة، ما تزال العوامل الإقليمية والدولية هي المحدد الأهم لتوقيت المؤتمر وشكله، وسط ضبابية المشهد السياسي وتعدد مراكز القرار داخل ليبيا نفسها.
ما هي خلفية المشهد؟
وقالت مصادر، إنه منذ مؤتمر برلين عام 2020، الذي ركز على تثبيت وقف إطلاق النار وتوحيد المؤسسات، لم ينجح المجتمع الدولي في تحقيق تقدم حقيقي في ملف التنمية والإعمار، فكل الجهود انصبت على الجوانب السياسية والأمنية، بينما بقي الجانب الاقتصادي رهينة الانقسامات.
وكشفت المصادر، أنه رغم التحسن النسبي في الأوضاع الميدانية خلال عامي 2023 و2024، بدأت الدعوات تتصاعد لعقد مؤتمر دولي لدعم التنمية الليبية يهدف إلى إعادة بناء البنية التحتية، غير أن تحديد موعد هذا المؤتمر ظل معلقًا، بسبب استمرار الخلافات حول الحكومة الشرعية التي ستمثل ليبيا أمام العالم.
البعد الإقليمي
وأوضحت المصادر، أن المواقف الإقليمية تتوزع تجاه الملف الليبي بين الداعم والمتحفظ والمتدخل، ما يجعل أي مؤتمر دولي مرهونًا بتفاهمات مسبقة بين الأطراف الإقليمية المؤثرة.
وقالت: إن هذه التباينات جعلت التوافق على موعد المؤتمر مسألة أكثر تعقيدًا من مجرد تحضير لوجستي، إذ يرتبط الأمر بتوازنات النفوذ الإقليمي داخل ليبيا.
ما هو الدور الدولي؟
وترى المصادر، أنه على الصعيد الدولي، تتعامل القوى الكبرى والتي منها الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والصين مع الملف الليبي بحذر.
فواشنطن تشدد على ضرورة وجود حكومة موحدة وضمانات شفافية مالية قبل إطلاق أي دعم تنموي واسع و الاتحاد الأوروبي يربط مشاركته الفاعلة في المؤتمر بملف الهجرة غير النظامية وضرورة تعاون طرابلس في ضبط السواحل، و روسيا والصين تسعيان إلى الحصول على موطئ قدم اقتصادي واستثماري، وتدفعان نحو مشاركة الشركات الوطنية في مشاريع البنية التحتية والطاقة.
وترى المصادر، أنه مع تعدد الأجندات، بات واضحًا أن المجتمع الدولي يريد ضمانات سياسية ومؤسساتية قبل ضخ أي تمويل أو إطلاق مشاريع كبرى، وهذا ما يجعل تحديد موعد المؤتمر مرهونًا بالتحضيرات السياسية الداخلية أكثر من الجاهزية الاقتصادية.
ما هي التوقعات والسيناريوهات المقبلة؟
وقالت المصادر: إن السيناريو الأقرب المرحلة المقبلة هو عقد المؤتمر خلال النصف الأول من عام 2026، بعد التوصل إلى اتفاق سياسي برعاية الأمم المتحدة لتوحيد الحكومة أو تشكيل سلطة انتقالية.
والسيناريو الثاني -وفق ما طرحته المصادر- هو تأجيل إضافي إلى حين حسم ملف الانتخابات، وهو احتمال قوي إذا استمرت الخلافات بين الشرق والغرب أو تنظيم مؤتمر مصغر إقليمي قبل المؤتمر الدولي، لتنسيق الدعم العربي وتحديد أولويات الإعمار.
واختتمت المصادر، أن العديد من المؤشرات الحالية خصوصًا اللقاءات بين وزراء التخطيط والاقتصاد الليبيين مع شركاء عرب وأوروبيين توحي بأن عام 2026 قد يكون نقطة الانطلاق الفعلية للمسار التنموي في ليبيا.

