أعلنت الحكومة الكينية مؤخرًا تصنيف جماعة الإخوان الإرهابية وحزب التحرير كمنظمتين إرهابيتين، في خطوة وصفت بأنها تحول جوهري في السياسة الأمنية للبلاد.
القرار جاء ليؤكد أن نيروبي لم تعد تتسامح مع الجماعات التي تعمل على بث الفكر المتطرف وتغذية العنف، خصوصًا في ظل التهديدات المتزايدة في منطقة القرن الأفريقي.
الدوافع الأمنية الداخلية
لطالما عانت كينيا من مخاطر الإرهاب، وعلى رأسها الهجمات الدموية التي نفذتها حركة الشباب الصومالية، ومع تنامي نشاط جماعات تتبنى خطابًا مشابهًا، كان لا بد من إجراءات استباقية تعزز الأمن القومي.
تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية يمنح الأجهزة الأمنية أدوات قانونية أوسع لتفكيك الشبكات المالية والخلايا التنظيمية، والحد من قدرة هذه الجماعة على التغلغل داخل المجتمع عبر المؤسسات التعليمية والدعوية.
كما يعكس القرار إدراك السلطات أن السماح للإخوان بالتحرك بحرية يعني فتح الباب أمام مرحلة جديدة من التطرف، يصعب احتواؤها مستقبلاً.
الضغوط والتحالفات الخارجية
لا يمكن عزل القرار الكيني عن المناخ الدولي المتصاعد ضد جماعة الإخوان الإرهابية، فالجماعة محظورة في عدد من الدول العربية والغربية، ووصمها بالإرهاب يتماشى مع توجهات إقليمية ودولية واسعة.
كينيا، التي تعتمد على الدعم الاستخباراتي والعسكري من شركائها الدوليين، وجدت في هذه الخطوة وسيلة لتعزيز مصداقيتها كحليف استراتيجي، خصوصًا في ظل المنافسة الجيوسياسية في شرق أفريقيا.
هذا التوجه يمنح نيروبي أوراق قوة إضافية في علاقاتها مع القوى الكبرى، ويجعلها جزءًا من جبهة عالمية أوسع لمكافحة الإرهاب.
مواجهة الفكر المتطرف
إلى جانب الأبعاد الأمنية والسياسية، يحمل القرار رسالة واضحة بشأن الحرب الفكرية مع الجماعات المتطرفة، فالإخوان لم يكتفوا بالعمل التنظيمي، بل سعوا لترسيخ أفكار تهدد التماسك الاجتماعي الكيني، خاصة بين الشباب.
ومع ازدياد حالات استقطاب الطلاب والعمال، كان لا بد من تحرك يقطع الطريق على أي محاولة لاستغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية أو طائفية.
هذا الحظر يهدف أيضًا إلى إضعاف البنية الدعائية للجماعة التي تعتمد على العمل السري والتغلغل الناعم، ما يشكل ضربة استراتيجية لخطابها داخل كينيا.
انعكاسات القرار على الداخل الكيني
الخطوة ستفرض على الدولة الكينية التزامًا أكبر بتعزيز الرقابة على المؤسسات الخيرية والتعليمية التي قد تُستغل كواجهة لتمويل الجماعات الإرهابية.
كما أنها ستدفع المجتمع المدني والأحزاب السياسية إلى تبني مواقف أكثر حزمًا في مواجهة التطرف، وفي الوقت ذاته، يُنتظر أن يسهم القرار في طمأنة الرأي العام بأن الحكومة تتحرك بجدية لحماية استقرار البلاد.