تشهد الساحة الأردنية في السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في الإجراءات الأمنية والمالية ضد جماعة الإخوان الإرهابية، التي ما زالت تسعى للحفاظ على نفوذها عبر أدوات مختلفة، رغم حظرها القانوني.
هذه الإجراءات باتت تشكل معادلة جديدة تضغط على ذراعها السياسية “حزب جبهة العمل الإسلامي”، الذي يحاول التكيّف مع الظروف المتغيرة لتفادي الحظر أو التجميد، إلا أنّه يواجه هو الآخر حالة من العزلة السياسية والتراجع في التأثير.
العمل العلني والنشاط السرّي
رغم الطابع العلني الذي يظهر في نشاط الجماعة عبر مؤسساتها السياسية والاجتماعية، تكشف الأحداث المتكررة عن محاولات لإحياء نشاط سري، قائم على استخدام واجهات خيرية وجمعيات اجتماعية لتوسيع النفوذ وتجنيد الأتباع.
هذه الازدواجية بين العلن والسرية تجعل الجماعة في مواجهة مباشرة مع الدولة، حيث ينظر إليها باعتبارها مصدر تهديد محتمل للسلم المجتمعي، ومحاولة دائمة للالتفاف على القانون.
الحسابات الإقليمية والمحلية
تتحرك السلطات الأردنية بحذر شديد في التعامل مع ملف الإخوان الإرهابية، خاصة أن أي قرار بحل أو حظر ذراعها السياسية سيحمل أبعادًا سياسية وأمنية وإقليمية واسعة.
التنظيم ما يزال يحاول التمدد في بيئات متأثرة بالصراعات الإقليمية، مستفيدًا من دعم خارجي في بعض الأحيان، وهو ما يثير مخاوف حقيقية من إعادة إنتاج بؤر توتر داخلية إذا تُرك دون رقابة أو محاسبة.
من النفوذ إلى العزلة
خلال العقدين الماضيين، حاولت الجماعة استثمار وجودها في البرلمان ومؤسسات المجتمع المدني للحفاظ على مساحة من التأثير، لكن المتغيرات الأخيرة أظهرت تراجعًا واضحًا في حضورها الشعبي والسياسي.
ومع زيادة الرقابة على أنشطتها المالية والتنظيمية، تراجعت قدرتها على تقديم نفسها كقوة سياسية فاعلة، لتتحول تدريجيًا إلى عبء على المشهد العام، سواء في نظر الدولة أو في نظر قطاعات واسعة من المجتمع الأردني.
التحركات الأمنية الأخيرة التي استهدفت اجتماعات سرية مرتبطة بالتنظيم عكست إدراكًا رسميًا لخطورة عودة الإخوان إلى العمل التنظيمي المحظور.
هذا الإدراك لم يقتصر على الجانب الأمني فقط، بل شمل أيضًا إجراءات لمراقبة الجمعيات والمؤسسات المرتبطة بالفكر الإخواني، باعتبارها منصات محتملة لإحياء النشاط الإرهابي. وفي هذا السياق، تسعى الدولة لإرسال رسالة واضحة بأن أي محاولة لإعادة بناء هياكل الجماعة ستواجه بالحزم والردع.
مستقبل غامض للحزب السياسي
رغم الترخيص القانوني لحزب جبهة العمل الإسلامي، فإنّ التحديات التي يواجهها تجعله في موقع ضعيف، فالتصعيد الأمني والقانوني المستمر، إلى جانب انحسار التعاطف الشعبي، يضعان الحزب أمام خيارين إما الانفصال عمليًا عن الجماعة الإرهابية الأم، أو مواجهة خطر التجميد وربما الحظر الكامل.