حذّرت وزارة الصحة في قطاع غزة من “تصاعد خطير قد يخرج عن السيطرة” في انتشار الأمراض المعدية، على خلفية تسجيل أولى حالات الوفاة بمتلازمة “غيلان باريه”، وهي حالة نادرة وخطيرة تصيب الجهاز العصبي، وتتطلب عناية طبية فورية.
ارتفاع مقلق في الإصابات
وفي بيان رسمي، اعتبرت الوزارة أن هذه الوفيات “ليست مجرد أرقام”، بل تمثل إنذارًا بكارثة صحية مُعدِية محتملة، وسط بيئة موبوءة ونظام صحي متهالك.
وكشف أيمن أبو رحمة، مدير دائرة الطب الوقائي بوزارة الصحة، أن القطاع كان يسجل في المعتاد ما بين 4 إلى 5 حالات فقط سنويًا، لكن خلال الشهر الماضي فقط، تم توثيق نحو 145 إصابة، توفي منها 3 أشخاص، بينهم طفلان وسيدة ستينية.
وأوضح، أن هذا الارتفاع غير المسبوق يرتبط مباشرة بانهيار البنية التحتية الصحية، وتفشي التلوث، وانعدام القدرة على التشخيص السليم، حيث تفتقر مستشفيات غزة لأجهزة الرنين المغناطيسي الضرورية لتشخيص المرض بدقة.
ما هي متلازمة “غيلان باريه”؟
وتُعرف متلازمة Guillain-Barré بأنها اضطراب نادر في المناعة الذاتية، حيث تهاجم خلايا الجسم الجهاز العصبي الطرفي، مما يسبب ضعفًا تدريجيًا في العضلات، يبدأ عادة في الساقين، وقد يتطور إلى شلل تام وصعوبات تنفسية وبلع، وقد يؤدي إلى الوفاة إن لم تُقدّم للمريض الرعاية المركزة المناسبة.
ورغم أن المتلازمة غير معدية بطبيعتها، إلا أن الخبراء يشيرون إلى أن البيئة الملوثة في غزة وانتشار البكتيريا والفيروسات قد يكون السبب وراء هذا التفشي غير المسبوق.
سوء التغذية والمجاعة يواصلان الفتك بالسكان
وبالتوازي مع انتشار المتلازمة، أعلنت وزارة الصحة، أن ست وفيات جديدة سُجلت خلال 24 ساعة فقط، نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع عدد ضحايا الجوع إلى 180 شخصًا منذ بداية الحرب، بينهم 93 طفلاً.
ويعاني سكان غزة من انعدام الأمن الغذائي بشكل شبه كامل، مع تعذر وصول المساعدات، وتدمير البنية التحتية، وتقييد دخول الشاحنات.
مذبحة المساعدات: مقتل 39 فلسطينيًا أثناء انتظار الغذاء
وفي تصعيد مروّع، قُتل منذ فجر الاثنين أكثر من 80 فلسطينيًا، بينهم 39 مدنيًا كانوا ينتظرون المساعدات الغذائية عند نقاط توزيع تابعة لمؤسسة “غزة الإنسانية” الأميركية، إلى جانب مواقع دخول الشاحنات في مناطق متفرقة من القطاع.
وهذا الحادث يضيف بعدًا مأساويًا جديدًا لأزمة غزة، حيث أصبح الحصول على الغذاء مخاطرة قد تودي بالحياة.
خبراء الصحة يحذّرون: المتلازمة تهديد جديد يوازي خطر الحرب
ويقول د. نضال غنيم، رئيس قسم الأوبئة في وزارة الصحة بغزة: إن متلازمة “غيلان باريه” تمثل تهديدًا خطيرًا موازيًا لأهوال الحرب، مضيفًا أن انتشارها مرتبط بـ”تلوث المياه، وانهيار خدمات الصرف الصحي، وتراكم النفايات، وسوء التغذية”.
ويتابع غنيم: “كل هذه العوامل أدت إلى انهيار مناعي شامل لدى السكان، وهو ما يفسر هذا التصاعد المفاجئ في الإصابات. المصابون بحاجة ماسة إلى رعاية مركزة وأجهزة تنفس، وهي غير متوفرة حاليًا”.
وحذّر من أن استمرار الظروف الحالية قد يؤدي إلى انفجار وبائي يشمل أمراضًا أخرى معدية وفتاكة، وسط غياب شبه تام للدعم الدولي الفعّال.