ذات صلة

جمع

هل يسعى الحوثي لتكرار نموذج حزب الله في اليمن؟

مع استمرار الحرب في اليمن منذ أكثر من تسع...

البرهان.. الرجل الذي يطيل أمد الحرب

بات عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد...

بين إيران وروسيا وسوريا ولبنان.. كيف غيرت العقوبات الدولية ملامح الاقتصاد والسياسة؟

لعقود، شكّلت العقوبات الاقتصادية أحد أبرز أدوات السياسة الخارجية...

“الإخوان”.. من “مشروع النهضة” إلى لحظة الانكشاف الكامل

من مصر إلى ليبيا، ومن تونس إلى السودان، خاضت...

تحركات النهضة في ظل الأزمة الاقتصادية.. محاولة لإعادة التموضع السياسي

في ظل الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تمر بها تونس،...

“الإخوان”.. من “مشروع النهضة” إلى لحظة الانكشاف الكامل

من مصر إلى ليبيا، ومن تونس إلى السودان، خاضت جماعة الإخوان الإرهابية تجارب حكم متعددة منذ مطلع العقد الثاني من الألفية الجديدة، ومع كل تجربة، كانت النتيجة واحدة “سقوط ذريع، وانكشاف خطاب مزدوج لم ينجح في تقديم نموذج حكم مستقر أو متماسك” .

في مصر، جاءت الجماعة إلى الحكم بعد ثورة 2011، لكنها لم تستطع أن تتخلص من ميراثها التنظيمي المغلق، فحولت مؤسسات الدولة إلى أدوات بيد التنظيم الدولي، متجاهلة نبض الشارع ومطالب الثوار، وكانت النتيجة عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي بثورة شعبية حاسمة في 30 يونيو 2013.

وفي ليبيا، لم تقدم الجماعة سوى واجهات سياسية مرتبطة بميليشيات مسلحة ومخططات خارجية، فساهمت في تعميق الانقسام وشرعنة الفوضى.

بينما في تونس، فقد أدارت حركة النهضة البلاد عبر تحالفات هشة وتحكم في مفاصل الدولة باسم التوافق، لتنهار التجربة بعد تدخل رئاسي أعاد تصويب المسار السياسي عام 2021، مدعومًا بغضب شعبي عارم.

وفي السودان، انتهت مشاركة الجماعة بانقلاب عسكري مدعوم من جناحها داخل الجيش، ثم بدأت تتآكل تدريجيًا بعد أن تحولت إلى عبء على المرحلة الانتقالية، وسط رفض شعبي واسع لأي محاولة لإعادتهم للمشهد.

ارتباط عضوي بالتنظيمات المسلحة

ليست صدفة أن يذكر اسم الجماعة في تقارير متعلقة بالإرهاب والعنف المسلح، فمنذ عقود، ارتبطت الجماعة بعلاقات عضوية مع تنظيمات متطرفة تتشارك معها نفس البنية الفكرية، وإن اختلفت في التوقيت والوسائل.

وسواء من خلال الدعم السياسي أو التبريرات الدينية، مارست جماعة الإخوان دور المظلة الحامية لجماعات مثل: “القاعدة” و”أنصار الشريعة” و”جبهة النصرة”، بل وأفرزت من داخلها قيادات انشقت لتؤسس أذرعًا أكثر دموية، كما حدث مع أيمن الظواهري، أحد منظري تنظيم القاعدة.

وفي ليبيا واليمن، استثمرت الجماعة في تحالفات مع ميليشيات ذات طابع إسلامي متشدد، استعملتها لتعزيز نفوذها أو إرباك الخصوم، وموّلت عمليات عسكرية تحت شعارات دينية غامضة، ما أدى إلى دمار واسع وانهيار للدولة المركزية في تلك البلدان.

تراجع التأثير الشعبي والسياسي

النكسة الأهم في تاريخ الجماعة الإرهابية لا تكمن فقط في فشلها في الحكم أو في ارتباطها بتنظيمات مسلحة، بل في انكشاف خطابها وتراجع تأثيرها السياسي والاجتماعي على مستوى الشارع العربي.

وفي تونس، باتت النهضة مجرد ظل باهت لما كانت عليه، عاجزة عن الحشد أو التأثير، وفي مصر، خرجت الجماعة من الحياة السياسية إلى غير رجعة، ولم يعد لها سوى نشاط رقمي موجه من الخارج، يفتقر للمصداقية والتأثير.

بينما في اليمن، فلم يعد الإخوان قادرين على إخفاء تحالفاتهم مع أطراف متناقضة، فبينما يتحدثون عن مقاومة الحوثيين، يتهمهم الجنوبيون بخيانة المعركة وتشتيت الصف الوطني، وفي ليبيا، تمزقت واجهاتهم السياسية إلى كيانات متعددة، دون أن تنجح في خلق بديل مقنع للشعب.

اليوم، تجد الجماعة نفسها محاصرة بخطابها القديم، وبإرثها الدموي، وبتاريخ من التلاعب بالدين والسياسة، حتى من تبقى من أنصارها باتوا يقرّون بأن التنظيم فشل في إنتاج نموذج قابل للحياة.

أدوات مهترئة في مشهد متغير

وفي مواجهة هذا التراجع، لجأت الجماعة إلى أساليب جديدة لكنها مكشوفة، كالعمل تحت غطاء منظمات حقوقية، أو إطلاق مبادرات سياسية تحت مسميات جديدة، إلا أن هذه الأدوات لم تعد فاعلة كما في السابق، بل تكشف ارتباك الجماعة ومحاولاتها اليائسة للبقاء في الصورة.

والحملات الإعلامية المدارة من الخارج، والدعوات إلى ما يسمى بحوارات وطنية، وإعادة تفعيل دساتير قديمة، كلها مجرد محاولات لإحياء مشروع سقط شعبيًا، وافتضح إقليميًا، ولم يعد له حاضنة سوى في بعض العواصم التي ما تزال تراهن على الإخوان كورقة تفاوض إقليمية.

spot_img