ما يزال وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان صامدًا بعد 24 ساعة على دخوله حيز التنفيذ، رغم استمرار الاتهامات المتبادلة بشأن انتهاكات أولية للاتفاق.
وقد شهدت الأيام الأربعة التي سبقت الاتفاق أعنف اشتباكات بين الدولتين النوويتين منذ ما يقرب من 30 عامًا، حيث أسفرت المواجهات عن مقتل نحو 70 شخصًا من الجانبين، وسط مخاوف من اتساع رقعة النزاع.
الهجوم أشعل فتيل التوتر وقع في 22 أبريل عندما قتل 26 مدنيًا، معظمهم من السياح، في هجوم مسلح بمنطقة جامو وكشمير الهندية.
واتهمت نيودلهي إسلام آباد بالوقوف خلف العملية، وهو ما نفته الأخيرة بشدة، لتبدأ بعدها سلسلة من الضربات الجوية والقصف المدفعي المتبادل، لم تقتصر هذه المرة على “خط السيطرة” التقليدي، بل امتدت إلى مدن مكتظة بالسكان، ما رفع منسوب القلق الدولي، ودفع الولايات المتحدة للتدخل دبلوماسيًا لمنع انفجار شامل.
رسائل عسكرية عبر الخط الساخن
أعلنت القيادة العسكرية الهندية، أنها بعثت برسالة إلى الجانب الباكستاني عبر الخط الساخن للتنبيه بشأن “الانتهاكات” التي حصلت مساء السبت، مؤكدة أن القوات المسلحة سترد بحزم إذا تكررت.
القائد العام للقوات المسلحة الهندية، اللفتنانت جنرال راجيف غاي، أشار في مؤتمر صحافي، أن الاتفاقات من هذا النوع “تأخذ وقتًا لتترجم على الأرض”، مشددًا على بقاء قوات بلاده في “أقصى درجات التأهب”.
في المقابل، لم تصدر إسلام آباد ردًا فوريًا على التصريحات الهندية، غير أن وزارة الخارجية الباكستانية أعلنت في وقت لاحق تمسكها بالهدنة، محملة الهند مسؤولية أي خرق للاتفاق.
وقد جاءت هذه المواقف المتباينة وسط تحركات محدودة للقوات عند خطوط التماس، وأصوات لانفجارات سجلت في عدد من المدن الحدودية، بحسب شهود عيان وسكان محليين.
كشمير في قلب العاصفة مجددًا
داخل إقليم كشمير، الذي لطالما كان محور التوتر بين الجارتين، لم ينعكس إعلان وقف إطلاق النار ارتياحًا حقيقيًا على الأرض، فمع أن بعض العائلات بدأت في العودة إلى منازلها، إلا أن الأغلبية ما تزال تعيش في الملاجئ، في ظل الخوف من تجدد الاشتباكات.
هل يفتح الاتفاق نافذة دبلوماسية؟
رغم هشاشة وقف إطلاق النار، إلا أنه يطرح تساؤلات حقيقية حول إمكانية فتح نافذة دبلوماسية بين نيودلهي وإسلام آباد، حتى الآن، لا توجد مؤشرات واضحة على تحركات سياسية جادة، لكن الضغط الدولي، خصوصًا من واشنطن، قد يشكل فرصة للدفع نحو تهدئة طويلة الأمد.
الهند وباكستان خاضتا ثلاث حروب منذ استقلالهما عام 1947، معظمها بسبب كشمير، والإقليم ما يزال قنبلة موقوتة في العلاقة بين البلدين.
ومع تصاعد التهديدات الأمنية وتكرار الهجمات المسلحة في المنطقة، فإن أي مسار دبلوماسي سيتطلب نوايا حقيقية من الطرفين، والتزامًا بالمعالجات الجذرية وليس فقط إجراءات التهدئة المؤقتة.