بدأت جماعة الحوثي في اليمن تنفيذ عمليات إصلاح وصيانة للأنفاق العسكرية الخاصة بالقوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر، في كل من صنعاء وصعدة، وذلك بعد أن تعرضت هذه المواقع لقصف أميركي خلال الأسابيع الماضية.
اتفاق تهدئة برعاية عُمانية
ووفقًا لمصادر يمنية، فإن الفرق الهندسية التابعة للجماعة شرعت في رفع الأنقاض من بوابات الأنفاق التي تضررت بفعل الغارات الجوية الأميركية، مع التركيز على إعادة جاهزيتها لتخزين ونقل الأسلحة، وتشير المعلومات أن الأنفاق كانت تستخدم لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة، وقد تضرر بعضها جزئيًا أو تعرض للتخريب، لكن الأسلحة داخلها لم تُدمر بشكل كامل.
وتأتي هذه التحركات بعد إعلان الولايات المتحدة، يوم الثلاثاء، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع جماعة الحوثي بوساطة سلطنة عُمان، والاتفاق أنهى سلسلة من الضربات الأميركية التي استمرت لأسابيع، استهدفت مواقع حوثية في اليمن، ردًا على هجمات الجماعة على سفن تجارية ومصالح غربية في البحر الأحمر.
ورغم أن الاتفاق يهدف إلى تهدئة الجبهة البحرية، فإنه لا يشمل إسرائيل، التي ما تزال عرضة لهجمات صاروخية من الحوثيين، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي.
إسرائيل خارج المعادلة
فيما لم تتوقف الهجمات الحوثية ضد إسرائيل، فقد أعلنت الجماعة مؤخرًا مسؤوليتها عن إطلاق صاروخ باتجاه إسرائيل، اعترضه الجيش الإسرائيلي بنجاح، وردًا على ذلك، شنّت تل أبيب غارات جوية استهدفت مطار صنعاء، مؤكدة تدميره بالكامل، إلى جانب ثلاث محطات كهرباء.
وفي تصعيد إضافي، توعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بالرد بقوة، مؤكدًا أن “كل تهديد من اليمن سيُقابل برد عنيف”، وتأتي هذه التطورات في سياق الدعم الحوثي المعلن لحركة حماس منذ اندلاع الحرب في غزة، حيث شنّ الحوثيون عشرات الهجمات الصاروخية على إسرائيل، بالإضافة إلى استهداف سفن تجارية في البحر الأحمر بزعم ارتباطها بالمصالح الإسرائيلية.
هل ذلك هدوء مؤقت أم إعادة تموضع؟
ورغم أن اتفاق وقف إطلاق النار بين واشنطن والحوثيين يُنظر إليه على أنه خطوة نحو تهدئة الجبهة البحرية، إلا أن تحركات الجماعة الميدانية، وتحديدًا في ما يتعلق بإعادة تأهيل البنية التحتية العسكرية مثل الأنفاق، تشير إلى نوايا لإعادة التمركز وليس للانكفاء.
ويرى مراقبون، أن جماعة الحوثي تستغل الهدنة لتقوية قدراتها الهجومية، خصوصًا بعد الضربات التي أصابت عدداً من مخازن الأسلحة والبنية التحتية.
كما أن بقاء إسرائيل خارج بنود الاتفاق يُبقي احتمال التصعيد العسكري قائمًا، سواء بشكل مباشر أو عبر وكلاء الجماعة في الإقليم.
هل يشهد البحر الأحمر صيف ساخن؟
واستمرار الحوثيين في تعزيز مواقعهم الاستراتيجية، تزامنًا مع التصريحات الإسرائيلية النارية، يشير أن المنطقة قد تكون مقبلة على موجة جديدة من التصعيد، خصوصًا إذا فُسرت التحركات الحوثية على أنها انتهاك لبنود التهدئة.
وإذا عاد التصعيد البحري، فقد تتدخل الولايات المتحدة مجددًا، لا سيما مع تصاعد التهديد للملاحة الدولية ومصالحها في المنطقة.
وقد تكون الفترة الحالية هدوءًا ما قبل عاصفة أكبر، تستدعي إعادة تقييم للاتفاق الأمريكي الحوثي، ومراجعة حسابات اللاعبين الإقليميين والدوليين.