منذ نوفمبر الماضي، مع الاستعدادات لإجراء انتخابات الرئاسة الأميركية، التي أسفرت عن فوز الديمقراطي جو بايدن، انهالت المطالبات بالولايات المتحدة للرئيس الـ46 في تاريخ البلاد، بإعادة تقييم العلاقات مع قطر، كونها دولة مثيرة للجدل وداعمة للإرهاب وتاريخها المشين في محاولات التأثير على إدارة دونالد ترامب.
ومع تنامي تلك الدعوات بالداخل الأميركي، سارعت قطر لتوقيع اتفاقية عسكرية مع الولايات المتحدة، أمس الثلاثاء، وفقًا لوزارة الدفاع القطرية.
وقالت الوزارة في بيانها: إن التوقيع جاء عقب لقاء نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع خالد العطية، ورئيس أركان القوات المسلحة غانم بن شاهين الغانم، كل على حدة بقائد القوات البحرية في القيادة المركزية الأميركية بالشرق الأوسط صامويل بابارو.
وزعمت الوزارة أن الاتفاقية تأتي “في إطار ترتيب تنفيذي بين وزارتي الدفاع بالبلدين، فيما يخص الأنشطة البحرية لوزارة الدفاع الأميركية ونداء ميناء السفن لدولة قطر”، دون نشر المزيد من التفاصيل.
وتعليقًا على ذلك، كشفت مصادر أن تلك الاتفاقية أقدمت عليها قطر ضمن محاولاتها التقرب من إدارة جو بايدن، خوفًا من الدعوات العديدة الحالية بإعادة تقييم العلاقات معها، وهو ما سيزيد من عزلتها بشدة، إثر المقاطعة العربية لدعمها للإرهاب.
وأضافت المصادر أن قطر تلعب على الناحية العسكرية وتعزز من مكانة قاعدة العديد بها، لحماية مصالحها مع الولايات المتحدة، بالإضافة لمساعيها الجاهدة للتقرب من الأفراد الجدد في إدارة جو بايدن التي يتم الإعلان عنها تدريجيا، على غرار ما قامت به مع إدارة ترامب.
وتابعت أن الدوحة وجهت أذرعها في واشنطن من المراكز البحثية والصحف وأعضاء الكونجرس لمدحها وإصدار تقارير لتلميع صورتها بالبلاد، لتجنب أي تهميش في العلاقات والابتعاد عن تهم الإرهاب التي تحيط بها، وأغدقت عليهم بملايين الدولارات لتنفيذ ذلك المخطط.
وقبل أيام، كشفت وثائق لوزارة العدل الأميركية أن قطر وقعت عقد اتفاق جديد مع مجموعة ضغط يقودها سفير الولايات المتحدة الأسبق في صربيا فلاديمير بيتروفيتش، لدعم علاقتها مع حملة جو بايدن مقابل 1.2 مليون دولار.
ومنذ إعلان فوز بايدن، طالب الكثير من الخبراء الأميركيين بإعادة تقييم العلاقات مع الدوحة، من بينهم صحيفة “واشنطن تايمز” الأميركية، التي طالبت الإدارة الجديدة بأهمية مواجهة القلق الداخلي تجاه قطر في الشرق الأوسط، لافتة إلى تحسن الأوضاع بالمنطقة منذ عام 2016، لذلك الحزب الديمقراطي يريد الاستمرار في ذلك، رغم أن قطر لا تزال خارج هذا التحسن.
وتابعت الصحيفة الأميركية أنها وجهت للدوحة انتقادات حادة وعديدة بسبب دعمها واحتضانها لجماعة الإخوان الإرهابية ورعايتها للجماعات المتطرفة في أوروبا أيضا، بجانب تمويل حركة حماس والإرهاب في القرن الإفريقي، فضلا عن علاقاتها المثيرة للجدل مع أنقرة وطهران، والاتجاه لبناء قاعدة على أراضيها، مشيرة إلى الموقف العربي الحالي من الدوحة والمقاطعة لها اقتصاديا ودبلوماسيا، وهو ما اعتبرته يضع قطر في موقف حرج دوليا ومن ثم سينعكس ذلك على واشنطن.
وسبق أن طالب إريك ميندل، مدير شبكة المعلومات السياسية في الشرق الأوسط بواشنطن، في مقال نشر بصحيفة “ذا هيل” الأميركية، بإعادة تقييم العلاقات بين واشنطن والدوحة، مؤكدا أن العلاقات الأميركية القطرية يجب أن تكون ضمن أولويات الرئيس الأميركي المنتخب في سياساته الخارجية، وسرعة إعادة تقييم العلاقة مع قطر، وتعديل سياسة الرئيس ترامب، حيث ظهر تقارب بين البلدين رغم كشف تورُّط الدوحة في الكثير من الجرائم الإرهابية.
وأضاف أنه رغم أن الولايات المتحدة تستخدم قاعدة العديد في قطر، إلا أن الدوحة في حاجة ماسة لواشنطن، لحمايتها من الرفض والعزلة الدولية التي تعيشها خاصة بعد المقاطعة العربية لها، فضلاً عن مخاوفها من إيران وتوسعاتها، حيث تتشارك طهران مع الدوحة في أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، لذلك يرى أهمية إبعادها عن إيران.