لم يكن انفجار ميناء رجائي في مدينة بندر عباس مجرد حادث عرضي أو خلل فني، بل صدمة وطنية فجرت غضبًا شعبيًا واسعًا، وفضحت مجددًا هشاشة النظام الإيراني وتواطؤ أجهزته الأمنية، وعلى رأسها الحرس الثوري، في إدارة البلاد بمزيج من الإهمال والتعتيم.
أكثر من 65 قتيلًا ومئات المصابين وأضرار مادية جسيمة، فيما الروايات الرسمية تتضارب، والحقيقة تُدفن تحت أنقاض الحاويات المحترقة.
فوضى الروايات الرسمية
منذ اللحظة الأولى للكارثة، حاولت السلطات الإيرانية التحكم في رواية الانفجار. بداية، أنكر مسؤولون وجود مواد متفجرة، ثم قيل إنها نترات أمونيوم، وفي رواية ثالثة لم تكن هناك حاوية متفجرة من الأصل.
التناقض كشف بوضوح عن محاولة لصرف الأنظار عن الجهة التي تتحكم فعلًا بالموانئ والمنافذ الحدودية في البلاد، الحرس الثوري الإيراني.
تشير تقارير وتحقيقات مستقلة، أن الحرس الثوري يستخدم ميناء رجائي وغيره من الموانئ الإيرانية كمنصات سرية لتمرير الأسلحة والمواد ذات الاستخدام العسكري بعيدًا عن الرقابة الرسمية، ما يفسر طبيعة الانفجار المدمرة التي لا يمكن أن تنتج عن مواد تجارية عادية.
غضب الشارع ومطالب بالمحاسبة
رغم محاولات التعتيم، اندلعت موجة غضب في المدن الإيرانية، خاصة في بندرعباس، حيث خرج المواطنون للتنديد بإهمال النظام وتقاعس الجهات الرسمية عن حماية أرواح المدنيين.
شعارات حادة رفعت ضد الحرس الثوري والمرشد الأعلى علي خامنئي، بينما اتسعت رقعة الغضب لتشمل قطاعات واسعة من المجتمع الإيراني.
الحرس الثوري في دائرة الاتهام
لم تكن هذه الحادثة الأولى التي يشتبه فيها بضلوع الحرس الثوري في استخدام الموانئ لنقل مواد متفجرة أو أسلحة، لكنها ربما الأكثر وضوحًا من حيث النتائج الكارثية.
سيطرة الحرس على مفاصل الاقتصاد الإيراني، خاصة في قطاعات مثل: الجمارك والنقل البحري، تجعل من الصعب على أي جهة رقابية أن تمارس دورها الفعلي، وهو ما يكرّس واقع الدولة العميقة داخل النظام.
وبينما تحاول الجهات القضائية الترويج لتحقيقات شكلية واستدعاء بعض المسؤولين المحليين، يغيب الحديث كليًا عن محاسبة القيادات الفعلية التي تتحكم بالموانئ وبالمسارات الأمنية.
نظام في مرمى الإدانة الدولية
تداعيات الكارثة لم تبقَ في الداخل الإيراني فقط، بل امتدت إلى الخارج، حيث طالبت منظمات دولية بفتح تحقيق شفاف ومستقل في الحادث.
بعض الجهات ربطت الانفجار بأنشطة النظام الإيراني المرتبطة بتطوير الصواريخ الباليستية، خاصة مع تسريبات عن وجود مواد تُستخدم في تصنيع وقود الصواريخ ضمن الشحنة التي انفجرت، وهو ما نفته طهران دون تقديم أي تفسير مقنع.