أزمة جديد تواجه الاقتصاد القطري، نتيجة انتهاك سياسة حقوق العمال مع العمالة الأجنبية الوافدة إليها، وأدت الممارسات الخاطئة من إعادة تدوير العمالة وتسخيرهم للعمل مدة ساعات إضافية دون مقابل مادي إضافي، إلى جانب فسخ التعاقدات دون الالتزام ببنود التعاقد، إلى إثارة القلق بالمجتمع الدولي تجاه استثماراته بقطر.
وشهدت الدوحة مؤخراً قراراً قاصماً للاقتصاد، بإعلان إنجلترا سحب آخر تعاقداتها مع قطر وقيمته 6 مليارات جنيه إسترليني نتيجة التقارير المقدمة ضد قطر حول التعامل مع العمالة الأجنبية وانتهاكها لحقوق الإنسان، وأتى القرار بعد تقرير من منظمة العفو الدولية المعنية بحقوق الإنسان جاء فيه أن آلاف الأشخاص تعرضوا للاستغلال من قِبل أرباب عمل عديمي الضمير، ولم يدفع لهم مقابل عملهم في العام 2019.
ورغم رصد الحكومة القطرية ميزانية طائلة، لمحو تلك التقارير وتأكيد خلوها من الانتهاكات العمالية، إلا أن مفوضية حقوق الانسان أفشلت مخططها بالنزول إلى مناطق العمالة الأجنبية وإصدارها تقريراً مدعماً بالصور يدين النظام القطري.
ومن جانبها أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريراً لها في أغسطس الماضي، يقول إنه وبعد مرور 10 سنوات على فوز قطر باستضافة كأس العالم 2022، لا يزال العمال الأجانب هناك يعانون من تأخير دفع الأجور بشكل كبير، أو سدادها بخصومات أو عدم السداد في أوقات أخرى.
وقالت المؤسسة الدولية: “علمنا بعمال في المونديال يعانون من الجوع بسبب تأخير الأجور المستحقة لهم منذ شهور، وهناك عمال مثقلون بالديون؛ إذ يكدون لساعات طويلة بالعمل للحصول في النهاية على أجور ناقصة”.
بينما قالت صحيفة “ذي جارديان”: “إن التقرير الصادر عن هيومن رايتس يتسم بلغته التي لا هوادة فيها” وإنه أشار إلى اعتماد قطر لـ”نظام الطبقات الفعلية القائم على الأصل القومي”، وهو ما أسفر عن تمتع العمال من الدول العربية وأوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا بحماية حقوق الإنسان أكثر من العمال القادمين من دول جنوب آسيا ومن إفريقيا جنوب الصحراء”.
ويقدر التقرير أن عدد العمال الأجانب في قطر يبلغ حوالي المليونين؛ ويكشف أن الغالبية العظمى من العمال الذين يحصلون على أجور منخفضة هم من جنوب آسيا وشرق وغرب إفريقيا.
ويعمل ما يقارب 18500 عامل أجنبي حالياً في قطر في مشاريع بناء ملاعب كأس العالم، فيما عشرات الآلاف الآخرون يعملون في مشاريع مرتبطة باستضافة البلاد لكأس العالم مثل قطاعات البناء والضيافة والأمن.
وفي الماضي، أكدت منظمة العفو الدولية أنها علمت إقدام السلطات القطرية على اعتقال المئات من العمالة الوافدة، بعد إبلاغهم بأنه سيجري فحصهم للكشف عن الإصابة بفيروس كورونا.
وقال ستيف كوكبيرن، نائب مدير برنامج القضايا العالمية في منظمة العفو الدولية: “بعد التحدث مع 20 رجلاً من نيبال اعتقلتهم الشرطة القطرية، إلى جانب مئات آخرين، إنه “لم يلتقِ أياً من الرجال الذين تواصلنا معهم أي تفسير لسبب معاملتهم بهذه الطريقة، ولم يتمكنوا من الطعن في عملية احتجازهم أو طردهم”.
وبعد قضاء أيام في ظروف احتجاز غير إنسانية، لم يمنح الكثيرون حتى الفرصة لجمع أمتعتهم قبل وضعهم على متن الطائرات إلى نيبال”.
وأضاف: “ما يثير القلق أن السلطات القطرية يبدو أنها استخدمت الوباء كغطاء لارتكاب المزيد من الانتهاكات ضد العمال الأجانب، الذين يشعر الكثير منهم بأن الشرطة ضللتهم بقولها: إنه “سيتم فحصهم.. فوباء كوفيد-19 ليس ذريعة لاعتقال الناس”.